تلك المقدمة القائلة: إن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، فهي صحيحة إن أريد آحاد الحوادث وأفرادها المتعاقبة في الوجود، فإن لكل واحد منها مبدأ ونهاية، فما لم يخل منها فهو إما أن يكون معها أو بعدها، وعلى التقديرين يكون حادثا، وأما إن أريد جنس الحوادث فهي باطلة، فإن الجنس يجوز أن يكون قديما، إن كان كل فرد من أفراده حادثا، حيث أنه لا يلزم من حدوث كل فرد حدوث الجملة، لأن حكم الجملة غير حكم الأفراد " (1).
ثم قال الشيخ هراس:
" إن ابن تيمية قد بنى على هذه القاعدة (قدم الجنس وحدوث الأفراد) كثيرا من العقائد، وجعلها مفتاحا لحل مشاكل كثيرة في علم الكلام، وهي قاعدة لا يطمئن إليها العقل كثيرا، فإن الجملة ليست شيئا أكثر من الأفراد مجتمعة، فإذا فرض أن كل فرد منها حادث لزم من ذلك حدوث الجملة قطعا ".
قال: " فإن ابن تيمية بعد أن أورد المذاهب المختلفة أخذ في تقرير مذهبه الذي يدعي أنه مذهب السلف، ولكن عليه من المآخذ ما سبق أن أشرنا إليه من تجويز قيام الحوادث بذاته تعالى، وابتنائه على تلك القاعدة الفلسفية التي تقول بقدم الجنس مع حدوث أفراده، وهي قاعدة يصعب تصورها كما قلنا " (2).
فهذا الشيخ المدافع عنه والمؤيد لعقائده يقرر أن قوله بقيام الحوادث بذاته تعالى مما أخذ على ابن تيمية، وأنه قد تبع الكرامية في ذلك، وهم من المجسمة...
ويصرح بأن القاعدة المذكورة يصعب تصورها... وهذا عجيب.
لكن الأعجب اعتراف ابن تيمية نفسه بأنه متناقض! فإنه يقول: