والتنزيه؟
.. ثم يمضي ابن تيمية في تقرير معاني التشبيه.. فيقول:
".. وحديث ابن مسعود إذا تكلم الله بالوحي سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان.. وهو موقوف على ابن مسعود كما ذكره الدارقطني " (1).
ويقول:
".. وحديث الزهري قال: لما سمع موسى كلام ربه قال: يا رب هذا الكلام الذي سمعته هو كلامك؟ قال: نعم يا موسى هو كلامي، وإنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، ولي قوة الألسن كلها، وأنا أقوى من ذلك، وإنما كلمتك على قدر ما تطيق بذلك، ولو كلمتك بأكثر من ذلك لمت. قال: فلما رجع موسى إلى قومه قالوا: صف لنا كلام ربك، فقال: سبحان الله وهل أستطيع أن أصفه لكم؟ فقالوا:
فشبهه، قال، أسمعتم الصواعق التي تقبل في أحلى حلاوة سمعتموها، فكأنه مثله.
فقوله: إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، أي لغة. ولي قوة الألسن كلها، أي اللغات كلها، وأنا أقوى من ذلك، فيه بيان أن الكلام بقوة الله وقدرته، وأنه يقدر أن يتكلم بكلام أقوى من كلام. وهذا صريح في قول هؤلاء كما هو صريح في أنه كلمه بصوت... وكان يمكنه أن يتكلم أقوى من ذلك الصوت وبدون ذلك الصوت " (2).
ولا ندري لم عدل ابن تيمية عن الظاهر - على غير عادته - وفسر قوة الألسن باللغة، ولكن هذا لا ينفي التشبيه، بل يكاد تعبيره ينفح بالجارحة، فهل اللغات إلا حروفا ولهجات؟ ومن العجيب أن ابن تيمية لم يقل - كعادته في جدله