فكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطب بهذه الألفاظ جماعة سبقوا إلى علم التقديس ونفي التشبيه، وأنه منزه عن الجسمية وعوارضها، وكان ذلك قرينة قطعية مزيلة للإيهام لا يبقى معه شك، وإن جاز أن يبقى لبعضهم تردد في تأويله وتعيين المراد به من جملة ما يحتمله اللفظ ويليق بجلال الله تعالى.. ".
وقد أتى الغزالي بأمثلة كثيرة أخرى... ثم أعقبها بقوله:
"... فكذلك هذه الظواهر الموهمة انقلبت عن الإيهام بسبب تلك القرائن الكثيرة التي بعضها هي المعارف.. والواحدة منها معرفتهم أنهم لم يؤمروا بعبادة الأصنام، وأن من عبد جسما فقد عبد صنما.. كان الجسم صغيرا أو كبيرا، قبيحا أو جميلا، سافلا أو عاليا.. على الأرض أو على العرش، وكان نفي الجسمية ونفي لوازمها معلوما لكافتهم على القطع، ولضرورة إعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم المبالغة في التنزيه بالقرآن العظيم وبقوله (ليس كمثله شئ) وسورة الإخلاص، وقوله (فلا تجعلوا لله أندادا)، وبألفاظ كثيرة لا حصر لها، مع قرائن قاطعة لا يمكن حكايتها.. وعلم ذلك لا ريب فيه.
وكان ذلك كافيا في تعريفهم استحالة يد هي عضو مركب من لحم وعظم، وكذا في سائر الظواهر، لأنها لا تدل إلا على الجسمية وعوارضها لو أطلق على جسم، وإذا أطلق على غير الجسم علم ضرورة أنه ما أريد به ظاهره بل معنى آخر مما يجوز على الله تعالى، ربما يتعين ذلك المعنى وربما لا يتعين، فهذا مما يزيل الإشكال " (1).
ومما ذكره الكوثري:
".. والوارد في القرآن الكريم (وهو القاهر فوق عباده).. ومن الخرق أن