فليس فهم ذلك - عنه وعن الكرامية - افتراء... وهل يلزم من هذا إلا التجسيم والتحيز؟
ثم إن الاستدلال الذي ذكره العلامة موجود في كلمات بعض الأئمة المشاهير من أهل السنة، فقد قال الفخر الرازي ما نصه:
" البرهان في بيان أنه يمتنع أن يكون مختصا بالحيز والجهة، أنه لو كان مختصا بالحيز والجهة لكان محتاجا في وجوده إلى ذلك الحيز وتلك الجهة، وهذا محال، فكونه في الحيز والجهة محال.
بيان الملازمة: أن الحيز والجهة أمر موجود، والدليل عليه وجوه:
(الأول) هو أن الأحياز الفوقانية مخالفة في الحقيقة والماهية للأحياز التحتانية، بدليل أنهم قالوا: يجب أن يكون الله تعالى مختصا بجهة فوق ويمتنع حصوله في سائر الجهات والأحياز، يعني التحت واليمين واليسار، ولولا كونها مختلفة في الحقائق والماهيات، لامتنع القول بأنه يجب حصوله تعالى في جهة الفوق ويمتنع حصوله في سائر الجهات، وإذا ثبت أن هذه الأحياز مختلفة في الماهية وجب كونها أمورا موجودة، لأن العدم المحض يمتنع كونه كذلك.
(الثاني) هو أن الجهات مختلفة بحسب الإشارات، فإن جهة الفوق متميزة عن جهة التحت في الإشارة، والعدم المحض والنفي الصرف يمتنع تمييز بعضه عن بعض في الإشارة الحسية.
(الثالث) أن الجوهر إذا انتقل من حيز إلى حيز فالمتروك مغاير لا محالة للمطلوب، والمتنقل عنه مغاير للمنتقل إليه. فثبت بهذه الوجوه الثلاثة أن الحيز والجهة أمر موجود.
ثم إن المسمى بالحيز والجهة أمر مستغن في وجوده عما يتمكن ويستقر فيه، وأما الذي يكون مختصا بالحيز والجهة فإنه يكون مفتقرا إلى الحيز والجهة، فإن