الأعضاء والأفعال بما لا يكاد يحصى مما هو ممتنع عليه مع نفي التشبيه، وأن يوصف بالنقائص التي لا تجوز عليه مع نفي التشبيه، وكما لو قال المفتري يأكل لا كأكل العباد ويشرب لا كشربهم، ويبكي ويحزن لا كبكائهم ولا حزنهم، كما يقال يضحك لا كضحكهم ويفرح لا كفرحهم ويتكلم لا ككلامهم، ولجاز أن يقال: له أعضاء كثيرة لا كأعضائهم، كما قيل: له وجه لا كوجوههم، ويدان لا كأيديهم حتى يذكر المعدة والأمعاء والذكر وغير ذلك، مما يتعالى الله عز وجل عنه سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.. " (1).
إذن، التسليم بالاشتراك في المعنى العام وهو الصوت والحرف، ثم القول بأنه لا كالأصوات ولا كالحروف.. هذا لا ينفي التشبيه وإن ادعى صاحبه ذلك..
لأن ما سلم به هو معنى من معاني الحدوث، فكأنه يقول حادث لا كالحوادث..
وهذا تناقض صريح.. باعتبار ما أقر به ابن تيمية نفسه.
ثم نسأل ابن تيمية: هل هناك وجه لمخالفة صوته (تعالى الله عن ذلك) لأصواتنا؟... هنا يجيب ابن تيمية... يقول:
".. إن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق، لأن صوت الله يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب " (2).
فلا وجه إذا للمخالفة... غير أن صوته يسمع من قرب كما يسمع من بعد..
ولا ندري ماذا يكون موقف ابن تيمية فيما توصل إليه البشر من تقريب الأصوات حتى سمعت من بعد كما سمعت من قرب بوسائل الإعلام والاتصال الحديثة، هل كان يصر على رأيه بأن السماع من بعد كالسماع من قرب كاف في المخالفة للحوادث