ومما ذكرنا تعرف حال التبري عن حكم العيب، فإن حكم العيب له مساس بالمحكوم عليه، فالتبري في قبال التلبس به إما بعدم ادراج نفسه في الموضوع المحكوم بذلك الحكم كما في الحكم التكليفي، وإما بصرفه عن نفسه مع وجود مقتضيه بشرط عدمه كما فيما نحن فيه، حيث إنه حق قابل للاسقاط ولشرط سقوطه أو عدمه كما مر (1) تفصيله.
- قوله (قدس سره): (ثم إن تبرئ البائع عن العيوب... الخ) (2).
ربما يقال: - كما عن بعض أجلة المحشين (رحمه الله) (3) - أن عبارة المصنف (قدس سره) موهمة لخلاف المقصود، فإن المقصود ما إذا لم يكن هنا خيار إلا خيار العيب، فتبرئ البائع عن العيب فهل هو يسقط عهدة العيب مطلقا أو يسقط أثر العهدة من حيث الخيار لا من حيث بقية الآثار أيضا، وعبارة المصنف (قدس سره) كعبارة الدروس (4) موهمة لوجود خيار آخر، حيث ذكرا (قدس سرهما) أن التلف في أيام خيار المشتري وفي زمن الخيار، وبقاء علقة الخيار، فإن هذه العبارات لا يجامع سقوط خيار العيب بالتبري إلا بفرض خيار آخر هذا.
والظاهر أن غرضهما (قدس سرهما) بيان حكم هذا الفرع بالخصوص الذي جعله المحشي (رحمه الله) خارجا عن المقصود، وذلك لأن تلف المعيب قبل الرد يوجب زوال حق الرد ويتعين الأرش، لا أنه يوجب الانفساخ كما في خيار الحيوان والشرط، وقد سبق ذلك من المصنف (رحمه الله) في تعداد المسقطات (5) وتسلمه هذا المحشي الجليل (رحمه الله) (6)، بل سيأتي (7) إن شاء الله تعالى من المصنف في أحكام الخيار دعوى الاتفاق على عدم انفساخ العقد بذلك، وعليه فلا أثر للتلف مع التبري وعدمه إلا سقوط التخيير بين الرد والأرش على الأول، وسقوط حق الرد فقط على الثاني، فبناء على ذلك إذا تلف