- قوله (قدس سره): (ثم إن البراءة في هذا المقام يحتمل... الخ) (1).
توضيح المقام: أن العيب تارة يكون له مساس بنفسه بالمتبري فيكون التبري في قبال التلبس به، كما يقال " أنا برئ من الجهل أو من الجبن " أو من سائر العيوب المقابلة لأضدادها، ومنه البراءة عن الشرك في قبال التلبس به، وأخرى لا يكون للعيب بنفسه مساس بالمتبري، لكونه عيبا في المبيع، فالتبري عنه ليس في قبال التلبس به، فلا محالة يكون التبري عنه بلحاظ ما يتعلق به أو يتفرع عليه مما كان له مساس بالمتبرئ، فلذا جعل (قدس سره) محتملاته ثلاثة، أما بمعنى البراءة عن تعهد البائع له، أو عن ضمانه لما به التفاوت، أو براءته عن الحكم المترتب عليه وهو الخيار، فما يقال من أن الأنسب إضافة البراءة إلى نفس العيب بلا وجه.
ثم إن التبري إن كان معنى سلبيا كان معناه سلب العهدة عن نفسه أو سلب الضمان عن نفسه في قبال التلبس بالعهدة أو بالضمان، فيكون من العدم البديل للوجود المتواردين على ماهية العهدة والضمان، لاستحالة ورود العدم على الوجود أو الوجود على العدم، والتقابل بينهما حينئذ تقابل العدم والملكة.
وإن كان معنى ثبوتيا يساوق التجنب عنه ونحوه فهو لازم نقيض ثبوت العهدة والضمان، والتقابل بينهما - بالعرض وبتبع - تقابل العدم والملكة، لا التقابل بالتضاد كما عن شيخنا الأستاذ (قدس سره) (2)، لوضوح عدم تواردهما على موضوع واحد، لما مر من أن العيب القائم بالمبيع لا مساس له بنفسه بالبائع، وإنما يكون له مساس به بنفسه وهو تعهد العيب، فثبوت المبيع في عهدة البائع معقول، وسلبها الوارد على ماهية العهدة لكونه بديلا لثبوتها معقول.
وأما البراءة فليست من أنحاء ثبوت العيب حتى تكون على سياق ورود العهدة التي هي نحو وجود اعتباري لماهية المعيب، بل هذا المعنى الثبوتي لازم ما هو مضاف إلى العهدة لكونه بديلا لنحو وجوده الاعتباري.