يتفاوت حاله بتفاوت الوحدة والتعدد، ومن البين أن المجعول في صورة التعدد حصة من طبيعي الخيار، لا الطبيعي بحده، بل لا يعقل جعل طبيعي الخيار بحده، بحيث يكون صرف وجود الخيار ولا يشذ عن وجوده خيار، وعليه فذات المجعول بعد الثلاثة حصة من الخيار، والمنفي في الثلاثة بقرينة المقابلة ذات تلك الحصة، فلا يتوقف اللزوم من وجه على كون الخيار بعد الثلاثة متقيدا بسببه، ليقال إنه محال، وبالجملة جعل الخيار المطلق أي المجرد عن التقيد بشئ غير جعل مطلق الخيار.
لا يقال: جعل وجود الطبيعة وإن كان بجعل فردها إلا أن نفيها بنفي جميع أفرادها، فنفي طبيعة الخيار يقتضي ذلك، لا قرينة المقابلة بتوهم جعل الخيار المطلق.
لأنا نقول: عدم الطبيعة بديل وجودها، فإذا لوحظ الوجود مطلقا - بحيث يكون كنفس الطبيعة بحدها - كان العدم البديل له كذلك، وإذا لوحظ الوجود مضافا إلى الطبيعة لا بنحو الصرافة بل بمحض تحقق الطبيعة، فلا محالة يكون العدم البديل له نفي تلك الحصة، وقرينة المقابلة بين المثبت والمنفي تقتضي أن يكون العدم في الثلاثة مماثلا للعدم البديل بعد الثلاثة، وإن كان نفي مطلق الخيار معقولا أيضا، لكن الظاهر نفي الخيار المطلق، أي المجرد عن القيد لا الملحوظ فيه الصرافة والاطلاق.
ومنها: خروج ما فيه الخيار عن مورد الأخبار بوجه آخر، وهو فقد شرط هذا الخيار، وتقريبه: أن المحكي عن العلامة (رحمه الله) في التذكرة (1) أن من له الخيار لا يجب عليه تسليم المبيع أو الثمن، وقد مر (2) في شرط تأخير أحدهما أن ظاهر الأخبار هو أن عدم المجيئ بالثمن من باب العدم المقابل للملكة لا السلب المقابل للايجاب، وأن عدم اقباض المبيع لعدم قبض الثمن لا من حيث إنه يستحق عليه عدم الاقباض، ففي صورة الخيار حيث كان عدم التسليم بحق كانت هذه الصورة خارجة عن مورد أخبار خيار التأخير، فمبني الوجه الأول على ظهور الأخبار في اللزوم المطلق في الثلاثة، ومبنى هذا الوجه على ظهور الأخبار في أن شرط هذا الخيار عدم الاقباض ثمنا ومثمنا لا عن حق، ففرض الخيار في الثلاثة ينافي اللزوم المطلق،