الوفاء فلا مجال للشك في بقائه وارتفاعه.
ثانيها: ما عنه (قدس سره) (1) أيضا، وهو أن المراد بالعقد هو العقد اللفظي دون الانشائي، وهو زماني تدريجي الحصول، وبقاؤه بعين حدوثه، وارتفاعه بانقطاعه، فهذا الموجود التدريجي المنقطع موضوع وجوب الوفاء إلى آخر الدهر، وما هو قابل للبقاء والارتفاع - الذي يتفاوت به العقد اللازم والجائز - إما أثره التكليفي - وهو وجوب ترتيب الآثار -، وإما أثره الوضعي - وهي الملكية -، ومع كون ذلك الأمر الآني الحصول أو التدريجي الحصول موضوعا - والمفروض حصوله - فلا شك إلا في بقاء أثره التكليفي أو الوضعي وارتفاعه، فيستمسك باطلاق دليله لبقائه، هذا ملخص الجوابين بتوضيح مني.
والجواب: أن اعتبار النقض والنكث والنبذ بالإضافة إلى العقد والعهد والميثاق يقتضي اعتبار أمر موجود فعلا، لا اعتبار أمر معدوم بالفعل، وإن كان موجودا قبلا، وصيغة " فسخت " لا يتسبب بها إلى رفع وجوب الوفاء، بل يتسبب بها إلى حل العقد باعتبار الربط والشد، وهما متقابلان لا يعقل أحدهما بدون الآخر، والمعدوم لا يحل ولا ينتقض، كما أن المعدوم لا إبرام له بالفعل، كي يتبادل معه ضده، وهو نقضه، وفي خبر بيعة العقبة عن ابن التيهان قال: لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (إن بيننا وبين القوم حبالا ونحن قاطعوها... الخبر) (2) حيث عبر عن عهودهم بالحبال، وعن رفع اليد عنها بقطعها، فللعهد اعتبار البقاء ولأجله يصح اعتبار القطع والحل.
وثالثها: ما عنه (قدس سره) أيضا (3)، وهو أنه يكفي في بقاء العقد - المتقوم بالتزامين من الطرفين - بقاء أحد الالتزامين، فإنه يكفي في بقاء الالتزامين وحدة المتعلق، وصدق الارتباط بين الالتزام الباقي والالتزام الحادث، مؤيدا له بالوصية التي يجوز تأخير القبول فيها إلى ما بعد موت الموصي، فإنه لا ارتباط بين الالتزامين إلا باعتبار