يمكن أن يكون بمعنى آخر من خصوصيات العقد أو من خصوصيات أثره ومقتضاه أم لا، حتى يتفاوت به حكمه التكليفي أو الوضعي فنقول:
اللزوم بمعنى آخر يناسب مقام العقد ليس إلا تأكده المناسب لعدم قبوله للانحلال بانشاء الفسخ، والحكم عليه بحرمة نقضه مثلا، وعدم التأكد المناسب لخلاف ما ذكر، والمعنى المناسب لمقام مقتضاه - وهي الملكية - كونها مرتبة شديدة غير قابلة للرجوع والرد، أو مرتبة ضعيفة قابلة لما ذكر، واللزوم والجواز بهذا المعنى ليس من أحكام العقد ولا الملك، حتى لا يعقل كونهما من خصوصيات السبب أو المسبب، ولا بد لمن يقول باختلاف العقد أو اختلاف أثره ومقتضاه - حتى يكون الأمر بالوفاء ارشادا إلى ترتيب مقتضاه عليه لزوما أو جوازا - أن يقول بالاختلاف من هذه الجهة، وليس في كلام المصنف (قدس سره) ما يقتضي منعه ونفيه هنا، وإن تقدم منه (قدس سره) بعض الكلام في مبحث المعاطاة (1).
والتحقيق: أن العقد والعهد المعاملي والملكية وأشباهها حيث إنها من الاعتبارات ليس فيها حركة واشتداد، وليست من المقولات حتى يجري في بعضها الحركة والاشتداد، وقد مر (2) في غير مقام أن الملكية لو كانت من مقولة الجدة أيضا لم يجر فيها الاشتداد من حيث الشدة والضعف، وإن جرى فيها التشكيك من حيث الزيادة والنقص، والنافع هنا هو التشكيك من حيث القوة والضعف لا من حيث الزيادة والنقص.
ومنه تعرف أن اعتبار ملكية قوية أو ضعيفة أيضا لا معنى له، إذ ليس لحقيقته قوة وضعف، حتى يمكن اعتبار الشديد منها والضعيف منها، فلم تبق إلا خصوصيات خارجة عن مرحلة العقد والملك، بحيث يكون باعتبار تلك الخصوصيات يحكم على العقد باللزوم تارة والجواز أخرى كخصوصية المجلس أو كون المبيع حيوانا أو كون الهبة لذي رحم وأشباه ذلك، ومع خروج تلك الخصوصيات عن العقد ومقتضاه لا معنى لأن يتفاوت الوفاء بالعقد في نفسه كما توهم، وقد تعرضنا لبقية الكلام في