الذي نحو وجوده اعتباري باعتبار من له الاعتبار من العرف والشرع، لما مر مرارا (1) وحققناه في محله (2) أن أمثال هذه المعاني - من الملكية والزوجية والمعاهدة والمعاقدة والحل والفسخ - لها نحو من الوجود الحقيقي الذي يوجد بأسبابه الطبعية، ولا يكون موضوعا للأحكام الشرعية والآثار العرفية، ولها نحو آخر من الوجود يتحقق بمجرد اعتبار العرف والشرع المنوط بتحقق المسمى بالسبب عندهم جعلا، بملاحظة ما يرونه من المصلحة الداعية إلى الاعتبار، ومثل هذا الأمر الاعتباري معاقدة كانت أو ملكية أو زوجية يبقى ببقاء المصلحة إلى أن يتحقق ما ينقطع به الاعتبار، كما في موارد حق الفسخ في الأول، والسبب الناقل في الثاني، والطلاق في الثالث.
ومنه يعرف أن موضوع الحكم ليس أمرا واقعيا بحيث يكون نظر العرف أو الشرع طريقا إليه، حتى يكون موارد الاستثناء من قبيل التخطئة لنظر العرف، لا من قبيل التخصيص، بل المراد بالنظر هو اعتبار العرف مثلا، والمتقوم بالاعتبار لا واقعية له إلا في أفق الاعتبار بنفس الاعتبار المتشخص به.
نعم يبقي الكلام في كون تمام موضوع الحكم هو الشئ باعتبار العرف أو باعتبار الشرع، وبعبارة أخرى: هل المعتبر باعتبار العرف أخذ بنحو الموضوعية للحكم أو بنحو المعرفية لما هو كذلك باعتبار الشرع؟
والصحيح هو الثاني، إذ لو كان الموضوع هو ما يعتبره العرف - بما هو - فيتمحض موارد الاستثناء في التخصيص الحكمي لا تقييد الموضوع، وإلا لزم الخلف من فرض كون الموضوع ما يعتبره العرف بما هو، خصوصا مع مثل العهد الذي لا يناسبه عدم الوفاء مع بقائه بحده، بخلاف ما إذا كان الموضوع الواقعي ما يعتبره الشرع عهدا وعقدا فإنه لا يتخلف عنه وجوب الوفاء، وإنما أخذ الموضوع العرفي في مقام الاثبات بنحو المعرفية للموضوع الشرعي للتلازم الذي يراه الشارع بين العهد العرفي والشرعي، فيكون الاستثناء تخصيصا في هذه الملازمة لا تخطئة لنظر العرف، ولا