ليس مع قطع النظر عن الاستحقاق عرفا أو شرعا مقدورا للمكلف، حتى يجب أو يحرم باعتبار العرف أو الشرع، فلا محالة لا يراد من الوفاء وخلافه إلا ابقاء العقد واتمامه أو التجاوز عنه وتركه عملا لا حقيقة، وكما أن عدم التمليك مع تعهده خلاف الوفاء عملا، فكذلك المعاملة مع ما تعهد بكونه ملكا للغير بعوض معاملة ما لم يتعهد به بالتصرف فيه من دون رضاه خلاف الوفاء عملا، وهكذا الأمر في نقض العهد والعقد لا يراد منه إلا النقض العملي دون الحقيقي المساوق لحله وفسخه.
بل يمكن أن يقال: إن حل العقد وفسخه المساوق لاعدامه ليس مساوقا لنقضه، فإن النقض مقابل للابرام لا لأصل العقد، فإن مقابله الحل، وليس ابرام العقد الذي هو مبرم في نفسه إلا بملاحظة اقتضائه لمقتضاه، فمقابله التفكيك بين العقد ومقتضاه لا إزالة المقتضي واعدامه، ولا تفكيك مع بقاء العقد إلا عدم الجري على وفقه وعدم الحركة على طبقه.
ومنه يعلم أن الفسخ والرجوع في موارد جوازهما ليس نقضا جائزا ليكون تخصيصا في دليل اللزوم، فإن طبع النقض والنكث وخلاف الوفاء آب عن الترخيص كما لا يخفى.
وثالثا: أن الموضوع وهو العقد وإن كان محفوظا على التقريب الأول - حيث إن انشاء الحل والفسخ متعلق بالعقد - إلا أنه غير محفوظ على التقريب الثاني، فإنه بعد انشاء الفسخ يشك في بقاء العقد، فلا معنى للتمسك باطلاق الآية لحرمة التصرف بعد انشاء الحل المشكوك تأثيره بعنوان الوفاء بالعقد والجري على وفقه عملا.
وأجيب عنه بوجوه:
أحدها: ما عن بعض أعاظم العصر (قدس سره) (1)، وهو أن المراد بالعقد هو الانشاء، وهو آني الحصول، والآنيات لا بقاء لها ولا ارتفاع، إذ البقاء هو الوجود بعد الوجود، والارتفاع هو العدم بعد الوجود، وما ليس من شأنه الوجود بعد الوجود حيث إنه آني فليس له العدم بعد الوجود، بل له الوجود والعدم البديل له، فإذا كان مثله موضوع وجوب