الميثاق متضادين في الخبر المتكفل لجنود العقل والجهل حيث قال (عليه السلام): (والحج وضده نبذ الميثاق) (1).
ومما ذكرنا يعلم أن الوفاء في جميع موارد اطلاقه بمعنى واحد، وهو اتمام الشئ بالقيام معه وعدم التجاوز عنه، فإذا كان العهد والقرار متعلقا بعمل من الأعمال فاتمامه وعدم التجاوز عنه بايجاد العمل الذي تعهده والتزم به، وإذا كان متعلقا بنتيجة عمل كما في البيع - حيث لا يترقب من القرار المعاملي على ملكية شئ بعوض ايجاد عمل بمقتضى قراره - فلا محالة يكون اتمامه والقيام معه ابقائه وعدم التجاوز عنه بحله وفسخه ونقضه، وحيث إنه لم يتعلق العهد والقرار بعمل من الأعمال فلا يعقل أن يكون وفائه بعمل من الأعمال، إذ ما لا عهد به لا وفاء له.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أن الأمر بالوفاء بهذا المعنى إما أن يكون إرشاديا أو مولويا، وعلى تقدير الارشادية هل هو إرشاد إلى الصحة أو اللزوم أو هما معا، لا معنى لأن يكون ارشادا إلى الصحة، لأن الأمر بأي شئ لا يكون ارشادا إلى أي شئ كان، بل الأمر يمكن أن يكون ارشادا إلى ما في متعلقه من الفائدة، لا إلى ما في غيره، فالأمر بالبيع والنهي عنه يمكن أن يكون ارشادا إلى ما فيه من الأثر، أو إلى عدم ترتب ما للبيع من الأثر مثل قوله (عليه السلام) (إذا تماثل الجنسان فلا تبيعوا، وإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم) (2)، بخلاف الأمر بالوفاء والنهي عن النقض، فإنه ارشاد إلى ما في الوفاء من الأثر وإلى ما في النقض من عدمه، لا إلى ما في البيع وجودا وعدما، فانحلال العقد وزواله نتيجة انشاء الفسخ، وبقائه على حاله نتيجة ابقائه بعدم انشاء الفسخ.
نعم حيث إن الوفاء فرع الصحة فيكون الأمر بالوفاء بالعقد دالا على صحته بالدلالة الالتزامية العقلية، لا بالدلالة الكلامية ليكون ارشادا إلى الصحة واللزوم معا، وعليه فيتمحض الأمر في المولوية أو الارشاد إلى اللزوم، إلا أن الارشاد خلاف الظاهر من الأمر والنهي، لظهورهما في البعث الحقيقي والزجر الحقيقي اللذين هما