بحذائه.
ففيه: أن قيام شئ بشئ تارة بقيام انضمامي، وأخرى بقيام انتزاعي.
والأول لا يتصور إلا فيما له مطابق بالذات في الخارج، والملك الموضوع للآثار شرعا وعرفا لا مطابق له في الخارج كالسواد والبياض وما شابههما من الأعراض.
والثاني وإن كان وجوده بوجود منشأ انتزاعه نظير المقبول بوجود القابل، لاستحالة أن يكون وجود واحد وجودا لمقولتين بالذات كما حقق في محله، إلا أن قيام شئ بشئ انضماميا كان أو انتزاعيا يصحح صدق عنوانه على ما يقوم به كالأبيض على ما يقوم به البياض، وكالفوق على ما يقوم به الفوقية، مع أنه من البين أنه لا يصدق عنوان المالك أو المملوك على نفس جواز التصرف.
ومنه يتضح أن العقد أيضا ليس منشأ لانتزاعه - كما عن شيخنا الأستاذ العلامة (1) (رفع الله مقامه) -، وإلا لصدق عليه أحد العنوانين، بل العقد بمنزلة السبب للملك، والسبب والمسبب متغائران وجودا، وقد حقق في محله أن القيام به يصحح الصدق لا القيام عنه، فتدبر.
وثانيا: أن الوفاء كما أشار (قدس سره) إليه هو العمل بمقتضى العقد، لا العمل بمقتضى مقتضاه، ومن الواضح أن مقتضى عقد البيع كون المال ملكا للمشتري بالعوض، والقيام بهذا المقتضي - الذي هو مورد العقد - التحفظ عليه بابقائه وعدم ازالته، وأما مقتضى الملك فهو أجنبي عن مورد العهد والعقد، حيث لا تعهد له بعدم التصرف حتى يجب أن لا يتصرف.
والتحقيق: أن الوفاء - كما مر سابقا (2) - وإن كان اتمام الشئ بعدم تركه والتجاوز عنه، وخلافه تركه والتجاوز عنه، لكنه ليس شئ منهما مقدورا للمكلف بنفسه، فإنك قد عرفت أن حل العقد إذا كان عن حق ليس منافيا للوفاء لا عقلا ولا عرفا ولا شرعا، ومع عدم الحق لا يكاد يتحقق حتى يكون ممنوعا عنه، فبقائه على حاله وعدمه