بالهبة ليس كذلك، بل الرجوع فيها - بما هي - فيه مصلحة باعثة إلى جوازه، والفسخ في البيع - بما هو متخصص بخصوصية زائدة على طبعه - فيه مصلحة داعية إلى الترخيص فيه، والوفاء بالهبة - بما هو متخصص بخصوصية زائدة على طبعها - فيه مصلحة داعية إلى ايجابه، فبملاحظة سريان المصلحة تارة في جميع أفراد الوفاء بالبيع وفي جميع أفراد الرجوع في الهبة - دون المصلحة المقصورة على لحوق بعض الخصوصيات - جعل اللزوم والجواز تارة أصلا وذاتيا، وأخرى بالعرض والتبع، هذه غاية التقريب للأصالة على الوجهين.
أقول أما التقريب الأول: فهو إما لا يجدي في مورد الشك، وإما لا يكون لأصالته بهذا المعنى الرابع دخل في احداثه في مورد الشك.
بيانه: أن اللزوم في البيع إن كان ببناء العرف عملا على المعاملة معه معاملة ما لا يقبل الفسخ، فمن البين أن العرف ليس لهم بنائان عموما وخصوصا مطلقا ومقيدا، ليكون مقتضى بنائهم العام أو المطلق لزومه ومقتضى بنائهم الخاص والمقيد جوازه، فإن العمل ليس فيه عموم واطلاق، بل مرجع الأمر إلى أن بناء العرف فيما عدا الموارد الخاصة على الالتزام بالبيع، وفي الموارد الخاصة على عدمه، وإذا كان المورد مشكوكا من حيث اندراجه في مورد العمل باللزوم أو العمل بغيره لم يكن هناك أصل من حيث البناء العملي ليرجع إليه.
ولا يمكن دعوى: أن بناء العرف عملا في جميع الموارد على اللزوم، وأن الجواز ببناء الشارع، فإنا لا نظن بالعرف أن بناءهم على اللزوم في المعيب وفي المغبون وشبههما.
وإن كان اللزوم والجواز ببناء الشارع. فنقول: إن بناء الشارع تارة بنحو الامضاء لبناء العرف بعدم الردع عما جرت عليه سيرة العرف، وأخرى بالامضاء بنحو الأدلة اللفظية ذات العموم والاطلاق، أما الأول فحاله حال البناء العرفي، فإذا لم يحرز بناء في المورد المشكوك لا إمضاء بعدم الردع حتى يجدي في صورة الشك وهو واضح.
وأما الثاني: فمقتضى العموم والاطلاق وإن كان لزوم الفرد المشكوك إلا أنه من