وإما أن التصرف رضا في الاسقاط فلا اتحاد لهما في الوجود الخارجي ولو ادعاء، بل متحدان في أمر ثالث، وهو الاسقاط بناء على التوسعة في الحمل الشائع كما يراه صاحب الفصول (رحمه الله).
وتوهم أن التنزيل غير الحمل باطل، إذ لا شبهة في أن قوله (عليه السلام) (فذلك رضا) قضية حملية، غاية الأمر أن مصحح الاتحاد إن كان هو الوجود فينحصر في الادعاء المزبور، وإن كان أعم ولو بلحاظ أمر خارجي - وهو الاتحاد العرضي - فيصح الحمل بالتقريب الثاني، ومقتضى هذا الوجه أن القضية جواب الشرط، وأن لازمه كون الرضا مسقطا شرعا، وأن التصرف بنفسه مسقط تعبدي.
ثانيها: أن التصرف - بما هو كاشف نوعا عن الرضا - مسقط، لكنه لوحظ هذا العنوان فيه على وجه الحكمة، وهي غير مطردة فلا محالة يكون التصرف بنفسه مسقطا تعبدا كما في السابق، إلا أن حكمته كاشفيته عن الرضا بطبعه، فلو فرض أن سنخا من التصرف لم يكن له كشف طبعي كان مسقطا أيضا، لفرض عدم اطراد الحكمة، ومقتضى هذا الوجه أن القضية بمنزلة العلة القائمة مقام الجزاء، لا أنها جزاء بنفسها، كما أنه يفارق الوجه الأول في عدم الدلالة على مسقطية الرضا، إذ ليس مقتضاه كون التصرف بحكم الرضا كما في الأول، بل هو بنفسه له الحكم لحكمة الكاشفية، ولا يقتضي أيضا تسرية الحكم إلى كل كاشف نوعي، إذ الحكمة لا اطراد لها إثباتا ونفيا، وليست كالعلة ليدور مدارها الحكم.
ثالثها: أيضا حمل الرضا على التصرف بما هو كاشف نوعي عن الرضا على وجه العلية التي يدور الحكم مدارها نفيا واثباتا، فيكون اقتضاؤه للاسقاط لاقتضاء المكشوف به، غاية الأمر أن الشارع جعل الكاشف عنه حجة، ومقتضاها اعطاء حكم المكشوف إياه، كما يشهد له تنظيره له بظواهر الألفاظ.
رابعها: هذا المعنى بضميمة إرادة الكاشفية الشخصية الفعلية عن الرضا.
فيكفي في الثالث عدم العلم بالخلاف، ولا يجدي في الرابع إلا العلم بالرضا أو ما ينتهي إليه شرعا، ومصحح الحمل في هذه الوجوه الثلاثة الأخيرة اتحاد الكاشف