لا يقال: العقد وإن لم يكن موضوعا إلا أن الواحد لا يكون مقوما لاثنين.
لأنا نقول: العقد ليس بوجوده الخارجي مقوما، بل بذاته في مرتبة وجود الحق كماهية زيد للعلم، ولا مانع من كون ماهية شخصية مقومة لأفراد من صفة العلم كما هو واضح، والغرض أن قيام حق الخيار بذي الخيار أو بما فيه الخيار لو كان من اجتماع المثلين لكان ما ذكرنا كله من هذا الباب، مع أنه ليس كذلك.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الحق والملك الموضوعين للآثار شرعا وعرفا - كما مر (1) مرارا - ليسا من الأعراض المقولية ليجري فيهما حديث اجتماع المتماثلين ونحوه، بل من الاعتبارات أي اعتبار معنى مقولي لمصلحة تدعو إلى ذلك الاعتبار، وحكم الشئ المقولي لا يسري إلى اعتباره، فلا مانع من اعتبار السلطنة على حل العقد من أجل الاجتماع على المعاملة، ولاعتبارها أيضا من أجل كون المبيع حيوانا أو معيبا أو نحوهما، لاقتضاء المصلحة والعقد وإن كان واحدا، فليس له إلا حل واحد، لكن عدم تعدد الحل حقيقة لا يقتضي عدم إمكان تعدد اعتبار السلطنة على الحل مع اشتمال كل منهما على أثر يختص به من المصالحة عليه بالخصوص أو اسقاطه بالخصوص، فمع تعدد المصلحة المقتضية وتعدد الأثر ليس تعدد الاعتبار لغوا، كما أنه من حيث كونه اعتباريا لا مقوليا ليس تعدده مستحيلا، فتدبر في أطراف الكلام فإنه حقيق بالتدبر التام.
منها: أنه مما استدل به - لكون مبدأ خيار الحيوان من حين التفرق - أن لازم كونه من حين العقد أن يكون تلف المبيع قبل الافتراق من المشتري، لأنه في مدة الخيار المشترك مع دلالة النصوص على أن تلف المبيع في الثلاثة من البائع، بخلاف ما إذا كان مبدأ الثلاثة بعد انقضاء أمد الخيار المشترك فإنه تلف في زمان الخيار المختص بالمشتري.
وأجاب عنه المصنف (قدس سره): بتنزيل تلك النصوص على الغالب من كون التلف بعد الافتراق، حيث إن الغالب عدم امتداد المجلس.