للبائع خيار الحيوان لما كان التلف عليه.
وفيه: أن مجرد كون التلف عليه لا ينافي خياره، كما في تلف المبيع قبل قبضه، فإنه على البائع وإن كان له خيار المجلس، وإنما التنافي نشأ من فرض التسالم على القاعدة، ومنشأ هذا التسالم من المشهور ذهاب المشهور إلى أنه لا خيار للبائع هنا، فلذا جعلوا التلف في باب خيار الحيوان وفي خيار الشرط المختص بالمشتري من البائع وانتزعوا منه هذا الجامع، وإلا فهو بهذا العنوان غير منصوص في النصوص.
ومنها: أن المنسوب إلى السيد الأجل المرتضى (قدس سره) أن البائع أيضا بالخيار، وعبارته المحكية عن الانتصار لا تساعد هذه النسبة، قال (قدس سره) في انتصاره: - على ما حكي عنه - (ومما انفردت به الإمامية أن الخيار يثبت للمتبايعين في بيع الحيوان خاصة ثلاثة أيام وإن لم يشترط، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، فذهبوا إلى [أن] الحيوان كغيره لا يثبت فيه الخيار إلا بأن يشترط، دليلنا الاجماع، ويمكن أن يكون الوجه في ثبوت هذا الخيار في الحيوان خاصة أن العيوب فيه أخفى والتغابن فيه أقوى ففسخ فيه ولم يفسخ في غيره) (1) انتهى.
فيعلم من صدره أن نزاعه مع العامة المنكرين لأصل الخيار، ومن ذيله أن مورده خصوص المشتري الذي لا اطلاع له على عيوب الحيوان، وصيرورته بلزوم العقد عليه مغبونا، فالمظنون أن المراد من قوله (يثبت للمتبايعين) ثبوت الخيار في المعاملة المتقومة بالطرفين، لا لكل منهما، كما يؤيده عبارة أخرى له في أثناء كلامه، حيث قال: (ليس للمخالف أن يقول كيف يثبت بين المتبايعين خيار من غير أن يشترطاه... الخ) فمراده من صدر العبارة أيضا ثبوت الخيار بين المتبايعين لا ثبوته لكل منهما، وعلى أي حال فقد استدل له بوجوه:
أحدها: أصالة بقاء جواز العقد لانعقاده جائزا بملاحظة خيار المجلس، وقد عرفت ابتناءه على وحدة الخيار، بتوهم لزوم اجتماع المثلين وسيأتي (2) إن شاء الله تعالى