منهما أثر حتى يرتفع بعروض الاكراه، فما هي الغاية لم يعرضها الاكراه، وما عرضه الاكراه ليس بغاية، ومقتضاه حينئذ سقوط الخيارين كما إذا لم يكن إكراه أصلا.
نعم إذا قلنا بأن الاكراه على الجزء المتقوم به الغاية كالاكراه على الغاية، حيث إن وضعه بيد الشارع فله رفعه فلا يسقط خيار غير المكره أيضا، لعدم حصول الغاية بحدها شرعا، وأما إذا قلنا بأن الجزء ليس له وضع إلا بعين وضع الكل، فرفعه بعين رفع الكل، ولا موجب لرفع الكل فالأمر كما مر وتمام الكلام في محله (1).
وربما يقال: ببقاء الخيارين حتى مع تعدد الغاية، نظرا إلى أن الحكم بكون الافتراق من المكره كلا افتراق حكم ببقاء الهيئة الاجتماعية شرعا، ومع بقائها شرعا يكون خيار كليهما باقيا شرعا.
ويندفع: بأن افتراق المكره بالخصوص إذا كان بمنزلة العدم (2) فمقتضاه بقاء اجتماعه مع صاحبه تنزيلا لا بقاء اجتماع صاحبه معه، وعدم الانفكاك بينهما واقعا لا يقتضي عدم الانفكاك بينهما تنزيلا وتعبدا.
إلا أن يدعي أن التعبد بأحد المتضائفين تعبد بالآخر وجودا أو عدما، فإنهما كواحد ذي وجهين.
وهذه الدعوى إن صحت فإنما تصح فيما إذا كان للمتضائفين حكم بالنسبة إلى المكره لا إلى غيره، فإن ظاهر قوله (عليه السلام) (رفع عن أمتي ما استكرهوا عليه) (3) رفع الحكم برفع موضوعه عن المكلف الذي استكره على فعل، فلا يتصور فعلان متضائفان لكل منهما أثر بالنسبة إلى المكره إلا وهما معا مكره عليه، وإن كان أحدهما بالأصالة والآخر بالتبع، كما إذا فرض أن للاستقبال إلى القبلة والاستدبار إلى الجدي أثرا، فإن الاكراه على الاستقبال إلى القبلة يلازم الاكراه على الاستدبار إلى الجدي، فكل منهما مورد التعبد، لأن التعبد بأحدهما يستلزم التعبد بالآخر، فتدبر جيدا.