أما الأول فمختصر الكلام فيه: أن عنوان الشرط - الذي هو التزام وتعهد من الشخص كعنوان الإجارة - لا يوجب جهة محسنة في الفعل المتعلق به الإجارة أو الشرط، حتى يلاحظ مزاحمتها لما في الفعل من المصلحة أو المفسدة ويحكم بفعلية مقتضي أقوى السببين في التأثير، كي نحتاج في كل مقام إلى احراز الأقوائية بدليل خاص، حيث لا موجب لأقوائية أحدهما بالخصوص بنحو الكلية، بل مقتضى الامتنان من الكريم المنان انفاذ ما يتعهده الإنسان على نفسه مما ليس فيه مفسدة أو فوات مصلحة، كما في فعل الحرام وترك الواجب، فينحصر لهذه الجهة مورد نفوذ الشرط فيما إذا تعلق بالمباح فعلا وتركا، وبالواجب فعلا وبالحرام تركا إذا لم يكن هناك مانع آخر، كما ربما يدعي في مثل أخذ الأجرة على الواجب، وقد استوفينا حق القول فيه في رسالة مفردة (1)، واخترنا عدم (2) المانع من جميع الجهات المتوهمة.
وأما الثاني فنقول: إن الأمور الاعتبارية التسببية التي يتسبب إليها بأسبابها تارة لها سبب مخصوص علم من الشارع كالنكاح، حيث لا ينعقد إلا بعنوانه لا بعنوان الهبة والإجارة حتى في المتعة، فحينئذ لا يمكن التسبب إليها بالشرط، فإن ايجاد الشئ بغير علته محال، وأخرى لم يعلم له سبب مخصوص كالملكية، حيث يتحقق بعنوان البيع والصلح والهبة مثلا، فلا مانع من تحققها بالشرط وعموم (المؤمنون عند شروطهم) كفى به دليلا عليه.
وأما الثالث فنقول: إن الأحكام التكليفية من أفعال الشارع ومباديها بيده، ولا قدرة للشارط عليها، فلا يعقل حصولها بالشرط، فتدبر.
ومما ذكرنا تبين أن الشرط إن تعلق بحق الخيار الذي هو من الاعتبارات الشرعية - فحيث إنه ليس له سبب مخصوص - فلا مانع من ثبوته وعدمه بالشرط، وإن تعلق بالاسقاط أو بترك الفسخ فهو من الالتزام بفعل مباح فلا مانع من نفوذه، وبقية الكلام في باب الشروط (3).