ثانيها: أن لزوم الشرط ليس ثبوتا لزوما معلوليا منبعثا عن لزوم العقد، ولا إثباتا مدلولا عليه بالدليل الدال على لزوم العقد، حيث إن دليل لزوم الشرط (المؤمنون عند شروطهم) (1) وشبهه، ودليل لزوم العقد (أوفوا بالعقود) ونحوه.
نعم حيث إن الشرط هو الالتزام المرتبط بالتزام آخر - إما في نفسه أو على الفرض - فلا محالة ينعدم بارتفاع العقد، فلا منافاة بين لزوم الشرط في نفسه بحيث لا يقبل الحل ما دام ذات الموضوع، وانحلاله وانعدامه بحل العقد، فاللزوم المقابل للجواز غير متوقف على لزوم العقد ثبوتا وإثباتا، واللزوم المساوق لعدم قبول الانحلال والانعدام تابع للزوم العقد وسقوطه عن قابلية الحل، وإلا فالشرط قابل للانعدام لا للحل انشاء واختيارا.
وعليه فلا منافاة بين توقف لزوم العقد بالمعنى المقابل للجواز والخيار على لزوم الشرط بذاك المعنى، وتوقف لزوم الشرط المقابل لقبول الانحلال والانعدام على لزوم العقد وسقوطه عن قابلية الحل.
ثالثها: ما يرجع إليه جواب المصنف العلامة (رفع الله مقامه) وملخصه بتوضيح مني: أن مقتضى عموم (المؤمنون عند شروطهم) وإن كان لزوم الشرط مطلقا إلا أنه خرج منه صنفان من الشرط، أحدهما الشروط الابتدائية، ثانيهما الشروط الواقعة في ضمن العقد الجائز ما دام جائزا، وهذا المعنى لا يقتضي إلا التلازم بين لزوم الشرط ولزوم العقد، لا توقف لزوم الشرط على لزوم العقد ليلزم الدور من توقف لزوم العقد أحيانا على لزوم الشرط، وحيث إنه لا توقف من الطرفين بل من طرف واحد فلا دور، وليس التلازم مقتضيا لعلية أحد المتلازمين للآخر، حتى يقال إن جواز العقد علة لجواز الشرط فعدمه علة لعدمه، بل وقوع الشرط في ضمن العقد الجائز مقتض لجوازه بنحو اقتضاء الموضوع لحكمه، وهذا لا يقتضي إلا التلازم بين الجوازين فيتلازم عدمهما.
وأما ما في الكتاب في توضيح هذا الجواب فلا يخلو عن المسامحة من جهات: