" لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة وما أكره الموت على الحق ".
وقد ثار عليه النفعيون، والمنحرفون وطالبوه بالعدول عن سياسته وسيرته وانتهاج حكم خاص يتفق مع ميولهم وأهوائهم ويحقق أطماعهم ونفوذهم فأبى (ع) ومضى في سياسته يؤسس معالم السياسة الحقة التي جاء بها الإسلام حتى ملك قلوب الملايين بعدله ومساواته وبقيت سيرته من أروع الأمثلة الخالدة التي يعتز بها المسلمون.
نعم قد اقتبسنا الكثير من بحوثنا من نظريات الإمام أمير المؤمنين الخاصة في عالم الحكم ومن سياسته وسيرته وهي مما لا شبهة فيه تمثل وجهة الإسلام وتتفق في جميع صورها وألوانها مع الكتاب العزيز، وسنة النبي العظيم.
إن هذه الدراسة - التي نقدمها إلى القراء - عن " النظام السياسي في الإسلام " إنما هي صفحة من صفحات ذلك النظام الرائع الذي يملأ النفوس ثقة واطمئنانا بعدله وأصالته وسلامة أهدافه فقد احتوت بنوده علي خير الإنسانية وعلى تحقيق آمالها وأحلامها.
إن هذه البحوث إحدى فصول هذا الكتاب. قد احتوت على بيان معنى (السياسة) في اللغة وفي الاصطلاح الغربي وبيان مدلولها وأنواعها وطابعها في الإسلام ورسمنا فيها عرضا تاريخيا لمولد الدولة الإسلامية وإلى الدستور الأول لحكومتها الرشيدة الذي وضعه الرسول الأعظم (ص) وإلى إرساله للسفراء والممثلين عنه إلى العالم الخارجي كما ذكرنا إعلان الإسلام لحقوق الإنسان وقارنا بينها وبين (حقوق الإنسان) التي أعلنتها فرنسا وأقرتها هيئة