لا يخفى أن تلف المبيع لا يوجب سقوط خيار البائع إلا بناء على أن يكون الخيار مطلقا متعلقا بالعين، أو اشترط الرد والاسترداد الظاهر في رد العين بخصوصيتها، أو قلنا بأن ظاهر الشرط في المقام تعلق الخيار بالعين لخصوصية فيها بنظر المشترط.
وجميع الوجوه ضعيفة:
أما الأول: فلما سيجئ في أحكام الخيار من تعلق الخيار بالعقد.
وأما الثاني: فلأن ظاهر الأخبار الواردة في المقام هو جعل الخيار للمشترط معلقا على الرد، لا جعل الرد له.
وأما الثالث: فلأن في البيع الخياري يتعلق النظر بمالية المال غالبا. ومنشأ جعل الخيار فيه بيعه بأقل من ثمن المثل، ولو كان منشأ جعل الخيار فيه الرغبة إلى الخصوصية العينية لباعها بثمن المثل وجعل لنفسه الخيار. والبيع بثمن المثل لا يرغب فيه المشتري مع جعل الخيار للبائع، إلا أن يكون المبيع أمرا يرغب فيه المشتري جدا، بحيث كان احتمال صيرورته له داعيا إلى الشراء بثمن المثل مع جعل الخيار للبائع. ولكن هذا نادر فلا وجه لتنزيل أخبار الباب على الفرد النادر.
وبالجملة: تلف المبيع لا يوجب سقوط خيار البائع، كان قبل رد الثمن أو بعده. ويظهر من صاحب الجواهر التفصيل بين بعد الرد وقبله، قال (قدس سره): وكما أن النماء له أي للمشتري فالتلف منه بلا خلاف، للصحيح والموثق، بل هو كذلك وإن كان بعد الرد إلا أنه مضمون عليه، لأنه وقع في زمان خيار البائع، فله حينئذ الفسخ ثم الرجوع إلى المثل أو القيمة، بخلاف التلف قبل الرد الذي ليس زمان الخيار كي يستحق الرجوع عليه، بل المتجه سقوط الخيار (1) انتهى.
وقبل بيان ما يرد على كلامه نقول: لا إشكال في أن مقتضى المعاوضة قبل القبض ضمان كل من المتعاقدين لما انتقل عنهما بضمان المسمى. ولازم ذلك أنه لو تلف يتعين المسمى للبدلية، أي ينفسخ العقد ويرجع كل مال إلى مالكه الأصلي.