عند المشتري لو كان ذا خيار وعدم شمولها لتلف الثمن، إلا أن تلف الثمن بعد الرد إلى المشتري على أي حال ضمانه على المشتري، لأن البائع دفعه إليه ليسترد منه المبيع لا مجانا وبلا عوض، فيصير كالمقبوض بالسوم في أن ضمانه على القابض.
نعم، لو تلف قبل الرد إليه فتلفه على البائع بناء على الاختصاص.
وبالجملة: مقتضى ذيل الرواية المتقدمة هو أن ضمان تلف الثمن عند البائع على المشتري.
والعجب من صاحب الجواهر من عده التعميم من غرائب الكلام ثم رده بخبر معاوية بن ميسرة، مع أن الرواية غير متعرضة لتلف الثمن أصلا، وليس مفادها إلا أن نماء الثمن للبائع وتلف المبيع على المشتري إلا أن ينضم إليها قاعدة الخراج بالضمان، فإن كون نماء الثمن للبائع بمقتضى رواية معاوية وكون المنافع بإزاء الضمان بمقتضى تلك القاعدة ملازم لكون تلف الثمن على من له نماؤه وهو البائع.
ولكنه لا يخفى أن " قاعدة الخراج بالضمان " على فرض دلالتها على مدعاه قابلة للتخصيص بقاعدة " التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له " وبقاعدة " كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه " مع أن دلالتها غير تامة، وأوضحنا مفادها في قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.
وملخصه: أن هذه القاعدة سيقت لبيان ما ارتكز عند العقلاء، وهو أن من تعهد شيئا وبذل بإزائه الثمن فمنافعه له بسبب بذل العوض في مقابله، فالضمان فيها بمعناه المصدري.
وبعبارة أخرى: بعد عدم إفادة هذه القاعدة ما استظهره أبو حنيفة - من أن الغنم بإزاء الغرم، فلا تشمل ضمان الغاصب - يدور الأمر بين المعنى المصدري أي الضمان الجعلي المالكي واسم المصدر وهو الحاصل من الجعل الشرعي التعبدي كالضمان في القاعدتين والأعم منهما بناء على صحته. والأظهر هو الأول، فإن المرتكز عند العقلاء هو أن التضمين صار سببا لاستيفاء المنافع وبالعكس، أي من ضمن مالا وبذل بإزائه شيئا فخراجه - أي منافعه - له بإزاء ضمانه.