الثاني: أن خروج بعض الإيقاعات ليس لإجماع تعبدي، بل لانتفاء ما يكون آلة لإيجاده من الأفعال. فعدم وقوع العتق أو الطلاق بالفعل إنما هو لأن الفعل ليس آلة لإيجادهما، ولهذه الجهة لا تجري المعاطاة أيضا في كثير من العقود، كالصلح والضمان والحوالة والنكاح.
وبالجملة: لا يختص الإيقاع بخصوصية موجبة لعدم جريان المعاطاة فيه من حيث إنه إيقاع، فعلى هذا كل إيقاعي كان الفعل آلة لإيجاده - كالرجوع في الهبة والعدة والفسخ والإجازة - يقع به.
إذا عرفت ذلك فحيث إن الإجازة من الإيقاعات ولا بد في تحققها خارجا من إنشاء لفظي أو فعلي، فكل فعل كان مصداقا لتحققها خارجا وفي عالم الاعتبار تقع به. ومن أوضح مصاديق الأفعال - التي تقع هذه بها - التصرف، فإنه إجازة فعلية.
نعم، يشترط أن يكون التصرف مالكيا بأن يكون نحو تصرف الملاك في أملاكهم. فالتصرف الاختباري والذي جرت العادة بصدوره من غير المالك - كسقي الدابة وركوبها حال الذهاب والإياب وقوله: للجارية ناوليني الماء - مثلا - والتصرف الصادر من حيث الاشتباه الموضوعي - كتخيل أن هذه الدابة غير المشتراة - خارج عن التصرف المالكي.
وبالجملة: مقتضى القاعدة تحقق الإجازة والفسخ بالفعل كتحققها بالقول.
وليس التصرف مسقطا تعبديا، وإلا لوجب الاقتصار على مورده، وهو التصرف فيما انتقل إليه وفي خصوص الحيوان. فالتعدي عنه والقول بأن تصرف المالك في كل معاملة فيما انتقل عنه فسخ وفيما انتقل إليه إجازة، ليس إلا لأن التصرف بنفسه إجازة وإنشاء فعلي فيما انتقل إليه.
نعم، التصرف قبل العلم بالعيب في خيار الحيوان مسقط تعبدي، وأما بعد العلم كالتصرف في المقام فهو على وفق القاعدة. والأخبار الواردة في هذا الباب