ودفع الثاني: بأنه لا مانع من تملك الإنسان لنفسه بمعنى أنه كان أولا رقا ومنافعه ملكا للغير: فإذا اشترى نفسه صار حرا - أي لا يملك منافعه أحد - ولا ينافي ملكيته لنفسه عدم تسلطه على بيع نفسه، فإن الملكية لا تلازم السلطنة المطلقة.
وكيف كان فموضوع البحث في المقام أنه بعد الفراغ عن صحة شراء نفسه لنفسه فهل فيه خيار له، أو لمولاه، أو لكليهما، أو لا مطلقا؟ وجوه:
الظاهر عدم الخيار، أما بالنسبة إلى العين فلأن الحر لا يعود رقا، وأما بالنسبة إلى القيمة فلما عرفت في المسألة السابقة من أن الخيار يتعلق بما فيه تضمين، ومع علم المولى بأنه عبده وعلم العبد بأن اشتراء نفسه موجب لمالكيته لنفسه المساوق للحرية لا يعقل تضمين معاملي حتى ينتقل الضمان إلى القيمة.
وبالجملة: في بيع من ينعتق على المشتري، لما امتنع تضمين البائع المشتري - لعلمه بتلفه عليه قهرا - امتنع الخيار بالنسبة إلى الطرفين.
وفي مسألتنا هذه امتنع التضمين من كليهما، لعلم المولى بحرية العبد بمجرد شرائه نفسه فيمتنع تضمينه بالنسبة إلى المبيع، وعلم العبد بأن الثمن ملك لمولاه لأنه وما في يده لمولاه فيمتنع تضمينه للثمن، فسقوط الخيار فيها أولى من مسألة شراء من ينعتق على المشتري.
قوله (قدس سره): (وفيها أيضا أنه لو اشترى جمدا في شدة الحر ففي الخيار إشكال....
إلى آخره).
لا يخفى أن المحقق الثاني وجه الإشكال: بأن كون المبيع تالفا شيئا فشيئا مانع عن إعمال الخيار فيه، ثم أورد عليه بأن الخيار لا يسقط بالتلف (1).
ووجهه المصنف (قدس سره) بأنه يحتمل اعتبار قابلية العين للبقاء بعد العقد في تعلق الخيار بها، ثم تأمل فيه.
ولعل منشأ تأمله أن مجرد احتمال اعتبار البقاء ما لم يقم عليه دليل لا يوجب