وأما لو لم يكن البعض مما يقسط عليه الثمن - كيد العبد ورجله - فحكمه حكم تلف الوصف، والحق فيه أن تلفه لا يوجب إلا تحقق الخيار للمشتري، سواء كان الوصف مما ثبت فيه الأرش لو كان في أول العقد مفقودا أو لم يكن.
وبالجملة: لا فرق بين تلف وصف الصحة وسائر الأوصاف وتعذر الشرط، فإن كلها لو حدث بعد العقد وقبل القبض يكون موجبا للخيار لا الأرش، لأن تعهد البائع بالتسليم موصوفا لا يقتضي انفساخ المعاوضة بالنسبة إليه بعد كونه موصوفا حال العقد. وسره أن في عقود المعاوضة لا يجعل مقدار من الثمن مقابلا للوصف مطلقا، فإن الوصف وإن أوجب تفاوت المبيع في القيمة إلا أن القيمة تجعل بإزاء المبيع ولا تجعل مقدار منها مقابلا للموصوف ومقدار منها بإزاء الوصف، فالانفساخ بلا موجب.
غاية الأمر أن الملزم لقبول المشتري لم يتحقق، فله الرد أو الإمضاء مجانا، لأن له الالتزام فعلا بالفاقد.
وقد ظهر سابقا أن الأرش على خلاف القاعدة فلا يتعدى إلى غير مورده.
* * * هذا آخر ما وفقني الله تعالى لضبطه مما استفدت من تحقيقاته - دام ظله - فيما يتعلق بالمكاسب المحرمة وكتاب البيع والخيارات. والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ثم لما لبى شيخنا المعظم - قدس الله تعالى سره - داعي الحق وجاور ربه الكريم، طلب مني جماعة من العلماء والأعاظم من إخواني المؤمنين، بل أمروني بطبعه ونشره ليكون تذكرة لاسمه وينتفع به أولو العلم من بعده، فامتثلت أمرهم وأحببت أن ألحق به ما استفدته منه في قاعدة الضرر، وزينته تيمنا بثالث، وهو ما صنفه (قدس سره) في حكم اللباس المشكوك فيه، فإنه رسالة شريفة تحتوي على جملة من القواعد الفقهية والمسائل الأصولية والدقائق الحكمية، وتأليف لطيف لم يكتب مثله في الإمامية. فأقول وبالله سبحانه وتعالى أستعين: