القواعد العامة، وهي تقتضي أن يكون ضمان المال بعد القبض على مالكه الفعلي.
ولا يقال: إن كون التلف ممن لا خيار له ليس منافيا للقواعد، لأن مرجعه إلى انفساخ العقد، ورجوع كل مال إلى مالكه الأصلي قبل التلف آنا ما ثم التلف منه كما يظهر منه (قدس سره) في المتن.
لأنا نقول: وإن اقتضى الانفساخ ذلك إلا أنه بنفسه مخالف للقاعدة، فإن مثل قوله عز من قائل * (أوفوا بالعقود) * يدل على لزوم العقد وعدم انفساخه بلا موجب، وبدون الانفساخ يمتنع أن يكون تلف المقبوض على غير قابضه. وهكذا الأدلة الدالة على أن تلف المبيع في العقد الخياري المشروط برد الثمن على المشتري تدل على أن القبض موجب لأن يكون تلف المال على مالكه، وكذلك الأدلة الدالة على التفصيل بين صورة القبض وعدمه. فلا نحتاج إلى استصحاب عدم الانفساخ حتى يقال: إن أصالة الضمان الثابت قبل القبض حاكم عليه، لأن الشك في الانفساخ مسبب عن الشك في الضمان.
هذا مضافا إلى أن الأدلة الاجتهادية على خلاف الاستصحاب، لأن الضمان لو كان جعليا وكان مقتضى الشرط الضمني فالجعل مقيد بعدم التسليم، وأما لو كان شرعيا فقوله (عليه السلام) " حتى يخرجه من بيته " يدل على انتهاء الضمان بالإخراج الذي هو كناية عن التسليم.
نعم، لو قلنا بكون الضمان قبل القبض تعبديا مع عدم تعرض دليل التعبد لحكم الضمان بعد القبض كان للاستصحاب مجال.
وبالجملة: لو كان الضمان شرعيا صح الاستصحاب لو شك في بقائه بعد القبض، وأما لو كان للشرط الضمني فيرتفع موضوعه بالتسليم، وثبوته بعده إنما هو بسبب آخر مشكوك الحدوث فاستصحابه داخل في القسم الثالث من استصحاب الكلي، إلا أن يقال بحجيته فيما كان المرتفع والمشكوك من سنخ واحد، والتفاوت بينهما إما بالشدة والضعف أو بحسب الدقة العقلية دون المسامحة العرفية كالحركة المتحصلة من أمور متبائنة.