ثم إن العناوين التي يقع عليها العقد أو القيود المأخوذة فيه وصفا أو شرطا تارة تكون من الصور النوعية لما يقع عليه العقد، وأخرى تكون من العوارض الخارجية بالنسبة إليه.
والذي يقع عليه المبادلة ويبذل بإزائه العوض هو القسم الأول أي الصورة الجوهرية التي للشئ وبها يكون الشئ شيئا وبها يكون مالية الأشياء، لوضوح أن المادة الهيولائية غير صالحة لأن يبذل بإزائها المال ولا يعد من الأموال، كما أن العوارض أيضا لا يبذل بإزائها شئ من العوض، بل توجب زيادة في المالية وكثرة الرغبة في معروضها.
وعلى أي حال، فالمبادلة تقع بين الشئ بصورته النوعية وعوضه كما أن الرضا المعتبر في المعاملة منوط بها، فإذا تخلف الصورة النوعية مثل أنه باع حمارا فبان بغلة أو بقرة فلا شبهة في بطلان العقد رأسا، لأن البغلة أو البقرة لم يقع عليها العقد ولم يكن المواطاة والمراضاة عليها، فيحتاج إلى مبادلة جديدة ورضاء جديد سواء أخذت الصورة النوعية عنوانا للمبيع في لسان العقد كقوله " بعتك هذا الحمار " أو وصفا كقوله " بعتك هذا الذي هو حمار أو الحمار الذي هو هذا " أو شرطا كقوله " بعتك هذا بشرط أن يكون حمارا " إلى غير ذلك من التعبيرات.
ففي جميع هذه الصور يفسد المعاملة عند التخلف، لما ذكر من أن ما وقع عليه العقد والمراضاة غير الموجود والموجود لم يقع عليه العقد والمراضاة.
وأما العوارض فحيث عرفت عدم وقوع شئ من العوض بإزائها فانتفاؤه لا يوجب خللا في العقد وفيما وقع عليه العقد ولا يكون التراضي بالمعنى الذي قلنا أيضا منوطا به، وإلا فانتفاؤه يوجب البطلان لا الصحة والخيار، بل من قبيل قيود الواجب بمعنى أن المبيع وقع عليه العقد بهذا الوصف فيجب على البائع تسليمه كذلك، لا من قبيل قيد الوجوب بمعنى التعليق في الإنشاء ولا التعليق في المنشأ، فإن جميع ذلك يوجب الفساد عند عدمه، بل التزام زائد في ضمن الالتزام الأول نتيجته وجوب الوفاء به، ومع عدمه عدم لزوم الوفاء به، من غير أن يوجب