وأما ما كان من قبيل القسم الأول فهو خارج عن محل البحث رأسا ولا ينبغي عده في عداد الشروط والأوصاف، لما عرفت من أن التعبير عنه وصفا أو شرطا لا يفيد أزيد مما يعتبر في أصل المعاوضة من اعتبار كون العوضين معلوما وعنوانهما محفوظا نظير اشتراط بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب.
وما اعتبروه في جريان قاعدة الميسور في كون الفاقد يعد ميسورا للواجد لا مباينا له، فإن الخصوصية المنتفية تارة تكون عنوانا للموضوع ومتقومة بها حقيقة الواجب بحيث يكون انتفاؤها موجبا لانتفاء الموضوع وتعذر الواجب رأسا فلا مجال لجريانهما.
وأخرى ليست كذلك بل عنوان الموضوع - أي ما هو معروض الحكم - بحسب المناسبة التي بين الأحكام وموضوعاتها محفوظ بنظر العرف، وكذلك الواجب لم تتعذر بحقيقته بل ببعض أبعاضه، فيصح جريان القاعدتين وإن لم يشملهما إطلاق دليلهما لأجل انتفاء الخصوصية كما حقق في محله.
وبالجملة: صحة المعاملة ووقوع المبادلة مبتنية على حفظ عنوان المتعاوضين أي ما يبذل بإزاء الأموال في العرف والعادة، كالصور النوعية التي للأعيان، فإن ماليتها تدور مدارها غالبا لا على المادة الهيولائية ولا على الأوصاف الخارجية وإن كانت موجبة لتفاوت القيمة بسببها. فإن كانت تلك الصورة التي وقعت عليها العقد محفوظة إلى حين القبض بل موجودة في هذا الحال ولو فرض انتفاؤها حال العقد فيصح المعاملة وتقع المبادلة لا محالة، ولا يعقل إناطتها بوجود الوصف أو الشرط، فإنهما من قبيل الدواعي لا يعقل أن يكون وقوع الفعل الخارجي وعدم وقوعه منوطا بهما كما لا يخفى.
وإن لم تكن تلك الصور محفوظة إلى حين التسليم وإن كانت موجودة حال العقد كما إذا صار الخل خمرا مثلا فلا مجال للصحة، لذهاب المالية وعدم وقوع المعاوضة بين الثمن والمادة الهيولائية الموجودة في حال خمريته نظير ما ذكر في القاعدتين، أي قاعدة الميسور والاستصحاب كما أشرنا إليه.