وقد أجاد شيخنا الأنصاري (قدس سره) وكيف أجاد، بل لعله مما أجرى الله تعالى على قلمه من التعبير عن العدم الربطي بالنعتي، وبه يحسم مادة الإشكال، لوضوح صلاحية العدم المضاف أن يصير نعتا لمنعوته وعنوانا له ولو سلم عدم صلاحيته للربط كما توهم.
والحاصل: أن الذوات كما تتصف بالأوصاف الوجودية، كذلك تتصف بالأوصاف العدمية، بمعنى أن يكون عدم القيام مثلا عنوانا ووجها لزيد كما أن وجوده ربما يكون كذلك.
وقد ظهر أن كلا منهما بذاك الاعتبار ليس مسبوقا بالعدم فلا مجال لاستصحابه بل المسبوق به باعتبار وجود الوصف وعدمه المحمولي، واستصحابه بذاك الاعتبار لا يثبت وجوده وعدمه نعتا وإن يلازمه واقعا، إلا أن بناء الأصول على التفكيك بين اللوازم والملزومات والملازمات، كما لا يخفى.
وقد ظهر أيضا أن صدق السالبة بانتفاء الموضوع من الأغلاط الواضحة. وما يتداول في الألسنة بنحو من العناية لا محالة لو كان من الاستعمالات الصحيحة فلا يزاحم مع ما ذكرنا من البيان وإقامة البرهان.
نعم، هناك مغالطة قد استدل بها القائلون بالصدق، وهي أنه لو لم يصدق السالبة عند انتفاء الموضوع لصدق نقيضه لا محالة، والتالي باطل بالضرورة، فالمقدم مثله. مثلا لو لم يصدق " زيد ليس بقائم " عند انتفاء الموضوع لصدق نقيضه وهو " زيد قائم " لامتناع ارتفاع النقيضين.
وحله: أن العوارض اللاحقة للموضوعات تارة هي نفس الوجود والعدم.
وأخرى سائر العوارض كالقيام والقعود ونحوهما.
أما الوجود والعدم فيلحقان ذات الموضوع بماهيته وحقيقته العارية عن كلا الوصفين، ولذا يكون الحمل في مثل " زيد موجود " مبنيا على العناية والتجريد.
وحينئذ فهما وصفان متقابلان تقابل الإيجاب والسلب، بمعنى امتناع ارتفاعهما بالقياس إلى الماهيات كما يمتنع اجتماعهما أيضا، ولا يعقل الواسطة بينهما، إذ معروضهما ذوات الماهيات كما قلنا.