ولعل لبعض ما ذكرنا أمر شيخنا العلامة بالتأمل. فتأمل.
وكيف كان فعلى اعتبار الإذن كما هو الأقوى والأظهر فالإجازة اللاحقة أيضا في حكم الإذن وهل هي كاشفة أو ناقلة؟ وجهان، أقواهما الثاني. ويتفرع عليه ما لو قبض قبل الثلاثة فأجاز المشتري بعدها، فعلى النقل لا يمنع من الخيار، لعدم قبض الثمن في الثلاثة، وعلى الكشف لا خيار، حيث إنه قبض الثمن.
وربما يتخيل جريان هذا الفرع في قبض المبيع أيضا - فيشكل على الشيخ (قدس سره) من جهة تخصيصه بقبض الثمن - ولكنه توهم فاسد، لوضوح أن إجازة البائع لقبض المبيع ارتضاء منه للبيع وإسقاط لخياره، سواء وقعت قبل الثلاثة أو بعدها، فلا يتفاوت بين كونها كاشفة أو ناقلة فلا تغفل.
وكيف كان هل الإجازة هنا كما في باب الفضولي فيجري فيه ما ذكر هناك من الأقوال أو اللازم هنا القول بالنقل وإن كان في الفضولي محلا للإشكال وجهان، أقواهما الثاني كما اختاره شيخنا العلامة، مع أنه قائل بالكشف الحكمي في تلك المسألة. فلا يرد عليه أن هذا مخالف لمبناه.
وتوضيح المقام: أن توقف العقد على الإجازة تارة لأجل أن العقد بنفسه وقع صحيحا جامعا لشرائط الصحة، ولكن حيث إنه وقع عن غير المالك فلا يستند إليه لا تسبيبا ولا مباشرة حتى صار العقد عقده فيعمه أدلة لزوم الوفاء بالعقد، فيتوقف على الإجازة ليستند إليه ولو تسبيبا حيث إنه قابل للنيابة وأعم من التسبيب والمباشرة على الفرض. فإذا أجاز واستند إليه العقد فعلا يقع الكلام في أن استناد العقد إلى المالك بالإجازة يوجب صحته من أول الأمر فيترتب عليه آثار الصحة كذلك، أو يتصف بالصحة من حين الإجازة حيث إن في هذا الحين صار العقد عقدا له.
وبالجملة: فمحل الكلام في أن الإجازة كاشفة حقيقة أو حكما أو ناقلة من حينها إنما يختص بما إذا كان عدم تمامية العقد من جهة عدم الاستناد إلى المالك فقط، وإلا فجميع جهات العقد - من الإيجاب والقبول، والنقل والانتقال، وكون كل واحد من العوضين مضمونا عليه وغير ذلك - محفوظة كما لا يخفى.