نعم، الوكيل المفوض حتى في المعاملات المحاباتية لو علم بالغبن فلا خيار له، لأنه لا تشمله أدلة الضرر ولا الدليل الدال على أن تخلف الشرط موجب للخيار كما تقدم وجهه. وفي هذه الصورة لا خيار للموكل أيضا ولو كان جاهلا بالغبن، فضلا عما إذا كان عالما، كما أنه لا إشكال في أن مع جهلهما يثبت الخيار.
إنما الكلام فيما لو كان الوكيل جاهلا والموكل عالما، وهذا على قسمين:
فتارة: مع علمه بالغبن جاهل بأن الوكيل عالم به.
وأخرى: يعلم بأنه جاهل.
ويظهر من المصنف عدم ثبوت الخيار في كلتا الصورتين. مع أن الأقوى في الصورتين خصوصا في الأولى ثبوت الخيار، لأن مجرد علم الموكل بالغبن لا يوجب عدم ثبوت الخيار، لأن العلم إنما اعتبر طريقا وأمارة على الإقدام. ومجرد عدم الردع مع العلم ليس دليلا على الإقدام بالغبن، إذ لعله من جهة ثبوت الخيار للوكيل الجاهل بالغبن لا يردعه عن المعاملة لجهة عقلائية داعية له إلى المعاملة فعلا مع إعمال الخيار بعد ذلك.
ثم إنه إذا ثبت الخيار للوكيل، فهل هو للموكل أيضا أو مخصوص بالوكيل؟
وجهان، وقد مر في خيار المجلس تفصيل ذلك.
قوله (قدس سره): (لأصالة عدم العلم الحاكمة على أصالة اللزوم.... إلى آخره).
لا يخفى أنه لا وجه لإجراء أصالة عدم العلم، لأن العلم بالقيمة وعدمه ليس موضوعا بل الموضوع هو الإقدام وعدمه، فلا مانع من إجراء أصالة عدم الإقدام، مع أن الإقدام بنفسه أمر مسبوق بالعدم وليس نعتا للعقد. هذا مع أن جعل المغبون مدعيا مع مطابقة قوله لأصالة عدم العلم ينافي ما جعلوه ضابطا للمدعي والمنكر.
وعلى هذا فلا وجه لإدراجه فيمن يتعسر إقامة البينة عليه، فإنه كان كذلك أو لم يكن، مع مطابقة قوله للأصل لا يطالب بالبينة.
وبالجملة: من يقبل قوله بيمينه ولو كان مدعيا هو من ادعى شيئا لا يعلم إلا من قبله، مع كون المدعى به مخالفا للأصل، وأما لو كان مطابقا للأصل فليس من مصاديقه.