القاعدة تكون حاكمة على جميع الأصول والظواهر. فمن يدعي ما لا يعلم إلا من قبله يكون منكرا، لأن قوله مطابق لما هو الأصل في المسألة، لا أنه مدع ويقبل قوله.
ورابعا: على فرض أن يكون هذا مدعيا لأن قوله يخالف الظاهر الذي هو حجة فلا وجه لقوله " إلا أن يقال: إن معنى تقديم الظاهر جعل مدعيه مقبول القول بيمينه لا جعل مخالفه مدعيا يجري عليه جميع أحكام المدعي إلى آخره " لأنه لو كان مدعيا يجري عليه جميع أحكام المدعي كما أن قول من يوافق الظاهر الذي هو حجة يجري عليه جميع آثار المنكر.
قوله (قدس سره): (ولو اختلفا في القيمة وقت العقد.... إلى آخره).
لا يخفى أن عبارته وإن لم تكن وافية بالمرام إلا أن المقصود واضح، ومحل النزاع ثبوت الغبن وعدمه. ولا شبهة أيضا أن استصحاب اللزوم يجري في جميع الصور، إنما الكلام في جريان الأصل الموضوعي الحاكم على أصالة اللزوم.
فنقول تارة: يقع الاختلاف في القيمة حال العقد مع اتفاقهما على قيمته الفعلية، مثلا البائع يدعي أن المبيع حال العقد يسوي عشرة وتنزلت قيمته، فكون قيمته فعلا ثمانية التي تطابق الثمن الذي وقع العقد عليه لا يخرجه عن الغبن، والمشتري يدعي أن قيمته حال العقد ثمانية فلا غبن، فأصالة عدم التغيير - مضافا إلى أن التغيير ليس بنفسه أمرا مسبوقا بالعدم، ومضافا إلى أن الاستصحاب قهقرائي - لا تفيد للمغبون لأنها تنتج عدم الغبن. فلو جرت فهي مطابقة لأصالة اللزوم، ولكن الحق عدم جريانها، لما ظهر في محله إن الاستصحاب القهقرائي ليس بحجة، مع أنه مثبت، لأن الأثر لم يرتب على هذا الأمر الانتزاعي، بل رتب على منشأ انتزاعه وهو عدم التساوي حال العقد.
وأخرى: يقع الاختلاف في القيمة حال العقد مع اتفاقهما على قيمته سابقا - كما لو كان قيمة المبيع قبل العقد عشرة وبيع بثمانية، فيدعي من يدعي الغبن بأن قيمته حين العقد كانت كقيمته قبله، ومنكر الغبن يدعي التنزل وأن المبيع حين