على ضمان البائع ما اغترمه المشتري فكون الغرامة ضررا عليه لا يوجب تعلق الضمان على البائع.
وعلى هذا فيسقط ما استشكله بعض: بأن الضرر لا يطرد في جميع الغرامات، لأنه ليس المقام مقام التمسك بقاعدة " نفي الضرر " رأسا، اطردت أو لا تطرد.
وحاصل الكلام: أن قاعدة الضرر لو كانت مثبتة للحكم لما استقام حجر على حجر، ولزم تأسيس فقه جديد، ولزم تدارك كل خسارة من بيت المال أو من الأغنياء.
وبعض الأعاظم (1) ممن عاصرناهم وإن أفتى بجواز طلاق زوجة الغائب لرفع ضرر الزوجة استنادا إليها ولكن لا يمكنه الالتزام بتشريع الأحكام حتى فيمن تضرر بالمال وخسر في التجارة، مع أن المسألتين من واد واحد، ومن جوز من الأصحاب ذلك فإنما هو للأخبار الواردة في المقام، لا لأن الصبر ضرر عليها.
وأما قاعدة التسبيب فالمسلم منها ما لا يتوسط بين فعل الفاعل والأثر المترتب عليه فعل فاعل مختار، أو إذا لم يكن مستندا إليه شرعا لكونه واجبا عليه.
فالأول: كمن فتح قفص الطائر فطار، أو فتح فم قربة السمن فأذابته الشمس، فإن فعل الطائر والشمس غير اختياري فالضمان يستند إلى الفاتح.
والثاني: كحكم الحاكم بشهادة شهود الزور فإن المال وإن اغترمه المشهود عليه بحكم الحاكم إلا أنه حيث يجب عليه الحكم لعدم علمه بكذب الشهود فهو ليس ضامنا، والضمان على الشهود. وهكذا فعل المكره بإكراه الجائر ونحو ذلك.
وبالجملة: قاعدة التسبيب وإن كانت من القواعد المسلمة - ولذا حكموا بضمان من حفر بئرا في طريق المسلمين إذا وقع أحد فيه فمات، وحكموا بضمان من نصب في قعره السكين إذا مات بالسكين، وحكموا بضمان من دفع الواقع في البئر - ولكنه إنما تجري فيما لم يكن هنا واسطة اختيارية بحيث كان عمله