ومنها: البيع بلا ثمن، والإجارة بلا أجرة.
ومنها: جعل العوض ما ليس مالا عرفا وشرعا، كالحشرات.
ومنها: جعله ما ليس مالا شرعا، كالخمر والخنزير.
أما البيع بلا ثمن والإجارة بلا أجرة فقد تقدم حكمه في التنبيه الثاني من تنبيهات قاعدة " ما يضمن "، وقوينا أخيرا عدم الضمان.
نعم، لا يبعد القول بالتفصيل بين ما لو قال: " بعتك بلا ثمن " وما لو قال: " بعتك بثمن كذا وأسقطت الثمن " بأن يحكم بالضمان على الأول، وبعدمه في الثاني.
وما يقال (1) في توجيه ما اختاره الشهيد من عدم الضمان في الأول أيضا من باب أن ذيل الكلام يصير قرينة على الصدر فيدل المجموع على أن التسليم مجاني ففيه ما لا يخفى، فإن باب القرينة غير باب ما ينافي مقتضى العقد، وإلا يرجع كل شرط مناف لمقتضى العقد إلى القرينة.
وحاصل الفرق بينهما: أن القرينة هي التي تنافي الظهور البدوي لذي القرينة، فهي تصرف لفظي في ذيها، وهذا بخلاف تناقض الذيل مع الصدر، فإن المناقضة بينهما في المعنى لا اللفظ، فلا وجه لجعل الذيل قرينة على الصدر، بل لا بد إما من الأخذ بما هو مقتضى قاعدة ما يضمن فيحكم بالضمان، وإما من القول بأن البائع لما ناقض صدر كلامه الدال على التضمين بذيله الرافع للضمان فيتساقطان، فالتسليم بعد هذا يكون مجانيا، وهذا لا ربط له بمسألة القرينة وجعل مجموع الكلام إنشاء للهبة المجانية.
وأما جعل العوض ما ليس مالا عرفا وشرعا فقد تقدم في التنبيه الأول من هذه القاعدة أيضا: أن الأقوى فيها الضمان على ما بيناه من معنى القاعدة، وهو: أن كل عقد لو فرض صحيحا كان موجبا للضمان ففاسده أيضا كذلك، وفرض صحة هذا العقد معناه فرض ما ليس مالا مالا، وإذا فرض كونه مالا فلا محيص عن الضمان.