حكم غير المختار، وإذا كان مستند حكمه شهادة شهود الزور فالضمان على الشهود دون الحاكم.
والثالث: ما إذا كان الفعل مستندا إلى المباشر ولكن كان الضمان المترتب عليه مستندا إلى السبب، إما لكون أمره أمرا بالضمان، كمن أمر غيره بأن يضمن عن دينه، وإما لكونه موقعا له في الضمان، كمن قدم إلى غيره طعاما ليأكله مجانا فتبين عدم كون الطعام له، والمتجه في ذلك تعلق الضمان أولا بالمباشر، ثم بالسبب برجوع المباشر إليه، وعلى هذا القسم تنطبق قاعدة الغرور أيضا، فارتفع التنافي بين كلامي المصنف.
نعم، ترد عليه المناقشة في المثال، فإن ضمان ما يؤخذ بشهادة شاهد الزور ليس من قبيل ضمان الغار، فإنه يجب على الحاكم الحكم على طبق الشهادة، فهو مسلوب الاختيار، فيرجع في الضمان إلى الشهود ابتداء. والمثال المطابق للمقام هو ضمان المقدم طعام الغير، فإن الضمان على الآكل ابتداء وهو يرجع إلى المقدم.
وبالجملة: إذا كان الفعل مستندا إلى السبب فهو الضامن دون غيره، وإذا كان الفعل مستندا إلى المباشر وكان غير مقدم على ما يترتب عليه من الضمان - كمن أكل طعاما بتغرير غيره أنه له مجانا، أو كان إقدامه على الضمان بإزاء العوض، كمن أمره المديون بأداء دينه بإزاء العوض، أو ضمن دين غيره كذلك - فلا يرجع إلى السبب، إلا بعد أداء المباشر الغرامة.
ثم إنك بعد ما عرفت أن النبوي الدال على رجوع المغرور إلى الغار معمول به بين الفريقين، كالنبوي الدال على ضمان اليد، فضعفه بالإرسال لا يضر بالاستدلال، لأن العمل يجبره، مع أن الحكم في الجملة يستفاد من الأدلة الخاصة أيضا:
منها: رواية جميل (1) المذكورة في المتن.