وبعبارة واضحة: للمالك أن يرجع إلى الضامن الأول بالصفات التي فاتت عند الثاني، سواء كانت هذه الصفات موجودة في العين حين كانت العين في يده، أم تجددت في يد الثاني ثم زالت. نعم، من لم تحصل في يده ولا في يد من تأخر عنه فلا يرجع المالك إليه، لأنه تلقاها من السابق خالية من الصفات ولم تتجدد عنده ولا عند من تأخر عنه أيضا فلا يضمنها.
ثم إن قرار الضمان على من تلفت الصفة عنده بمعنى: أنه لو رجع المالك إليه فهو لا يرجع إلى سابقه، إلا إذا كان مغرورا فإنه يرجع إلى من غره. وأما لو رجع المالك إلى السابق فهو يرجع إلى اللاحق الذي تلفت عنده أو عند من تأخر عنه.
ووجه جواز رجوع المالك إلى من تلفت الصفة عنده: هو أن مقتضى تعاقب الأيدي الغاصبة كون كل من وقع المال بيده ضامنا للعين بجميع خصوصياتها، من ماليتها ومنافعها وصفاتها، سواء كانت الصفة حاصلة بفعله، كما لو علم العبد المغصوب صنعة فنساها، أو سمنت الدابة فهزلت، أم كانت حاصلة بفعل الله سبحانه، لأن جميع هذه الصفات موهبة من الله سبحانه حصلت في ملك المالك، فهو يستحقها لا غير، فيضمنها كل من وضع يده على هذا المال، إلا من وضع يده عليه بعد تلفها.
وأما وجه جواز رجوعه إلى السابق مع أن الصفة لم تتلف عنده، بل لم تكن موجودة كما في بعض الموارد فلأن مقتضى قوله (صلى الله عليه وآله): " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (1) أن يكون ضمان العين مع خصوصياتها من منافعها وصفاتها الموجودة والمتجددة على الآخذ، فالجميع على عهدته ما لم يرد العين، غاية الأمر أنه لو رجع إليه المالك فله الرجوع إلى من تأخر عنه لو لم يكن غارا له، هذا مع بقاء العين وتلف المنافع والصفات. وأما لو تلفت هي أيضا فحكمها حكم المنافع والصفات في استقرار الضمان على من تلفت عنده.