الجزء الأخير للعلة وكان فعل السبب هو المعد، وإلا يحكم بضمان المباشر، كمن باشر بالاختيار أكل طعام الغير ولو لتغرير غيره المقدم إليه، بل ولو قيل بأن الضمان على المقدم هناك إلا أنه لا يصح القول به في المقام، لأن مورد ضمان السبب هو الذي يرجع إليه ابتداء، لا في مثل المقام الذي لا إشكال في جواز رجوع المالك إلى المشتري ابتداء، فلو قيل بضمان البائع فليس مستنده إلا قاعدة الغرور.
نعم، هنا كلام آخر به يصح الجمع بين كلامي المصنف في المقام، فإنه بعد منعه من التمسك بقاعدة التسبيب بقوله: وأما قوة السبب على المباشر فليست بنفسها دليلا على رجوع المغرور إلا إذا كان السبب بحيث استند التلف عرفا إليه كما في المكره.... إلى أن قال: والمتجه في مثل ذلك عدم الرجوع إلى المباشر أصلا، قال:
فلا بد من الرجوع بالأخرة إلى قاعدة الضرر أو الإجماع المدعى في الإيضاح على تقديم السبب إذا كان أقوى، أو بالأخبار الواردة في الموارد المتفرقة (1).
فيتوهم التنافي بين الصدر والذيل. ولكنه بالتأمل في ما ذكره (قدس سره) يتضح عدم التنافي.
وتوضيح ذلك: أن ما يطلق عليه السبب على أقسام ثلاثة:
الأول: ما إذا كان أثر السبب صرف إحداث الداعي للمباشر من دون استناد الفعل إلى السبب، كمن أمر غيره بقتل شخص، أو علمه طريق سرقة الأموال فالضمان هنا على المباشر دون السبب.
الثاني: ما إذا كان الفعل مستندا إلى السبب دون المباشر، إما لكون المباشر حيوانا أو صبيا، أو كان مختارا خارجا ولكنه كان ملزما شرعا، كالأمثلة المتقدمة وما يحذو حذوها فهنا مورد قاعدة التسبيب، والمتجه في مثل ذلك عدم الرجوع إلى المباشر أصلا. فإذا أمر الحاكم الشرعي النافذ حكمه بقتل أحد فلو كان الحاكم جائرا في حكمه واقعا فالضمان عليه دون المباشر للقتل، لوجوبه عليه، فهو في