مادة الجسم المطلق هي الأجزاء التي لا تقبل القسمة، لا خارجا ولا ذهنا، ويسمى كل جزء من هذه الأجزاء بالجوهر الفرد والجزء الذي لا يتجزأ.
وذهب النظام: إلى أن الجسم مؤلف من أجزاء غير متناهية (1). واختار بعض المحققين من المتكلمين (2) وجمهور الحكماء إلى بطلان الجزء الذي لا يتجزأ، وعلى فرض تحققه فليس هو مادة الجسم المطلق. وصار بطلان عدم قابلية الجزء للقسمة من أوضح البديهيات في عصرنا، لأن كل متحيز بالذات - أي كل ما هو قابل للإشارة الحسية إليه - لا بد أن يكون ما يحاذي منه جهة الفوق غير ما يحاذي منه جهة التحت، وكذا باقي الجهات الست، فلا محيص من أن يكون منقسما وإن لم يكن فعلا كذلك ولم يكن لنا آلة لتقسيمه.
هذا، مضافا إلى ما برهنوا عليه من لزوم تفكك الرحى ونفي الدائرة. وهكذا بطلان مذهب النظام صار بديهيا، لأنه لو كان الجسم مركبا فعلا من أجزاء غير متناهية يلزم امتناع قطع مسافة معينة في مدة متناهية إلا بالطفرة.
إذا عرفت ذلك فحيث إن الجزء قابل للقسمة فمعنى الشركة على الإشاعة: أن كل جزء يفرض في الجسم فكل واحد من الشريكين المتساويين مالك لنصف هذا الجزء، لا أن كل واحد مالك في تمام الجزء، ولا أن لكل واحد جزءا خاصا واقعا غير معلوم ظاهرا.
نعم، لو انتهى الأمر إلى الالتزام بصحة الجزء الذي لا يتجزأ فلا محيص إلا عن القول بأن كل واحد منهما مالك لجزء معين، أو مالك لتمام هذا الجزء.
وعلى هذه المسالك يبتنى القولان في قسمة المشاع: من أنها بيع أو إفراز حق، فإن كونها إفراز حق ملازم لأن يكون كل واحد شريكا مع الآخر في كل جزء بحسب نسبة الملك، بأن يكون نصفه أو ثلثه أو غير ذلك من الكسور لأحد الشريكين والباقي للآخر. وحيث إن النصف من كل جزء أمر كلي قابل للانطباق