وبالجملة: عمدة الوجوه فيما هو محط نظر الأصحاب هو الوجه الثاني، وهو ما إذا لم يكن لمتعلق البيع واقع معين. ومنشأ بطلانه هو أنه وإن لم يقم دليل خاص على أن الإبهام في البيع مبطل له إلا أن توقف البيع على وجود محل يقوم به لا يمكن إنكاره، فإن الملكية وإن لم تكن أمرا خارجيا وصفة وجودية بل من الاعتباريات إلا أن هذا الأمر الاعتباري لا بد له من محل يقوم به، فإن البيع الذي هو تبديل طرف الإضافة لا بد له من المضاف إليه، وأحدهما المردد الغير المعين لا يعتبره العقلاء طرفا للإضافة الملكية، ولا يمكن قياس أحدهما المبهم ببيع الكلي في الذمة، فإنه وإن لم يكن موجودا خارجيا فعلا إلا أن الذمة أمر وسيع يعتبره العقلاء ملكا، وهذا بخلاف ما إذا باع أحدهما المردد، فإن المفروض أن هذا المفهوم ليس من المفاهيم المتأصلة كالرجل والمرأة أو البياض والسواد، ولا من المفاهيم الانتزاعية التي لها منشأ انتزاع خارجي كالعلية والمعلولية والتقدم والتأخر، فإنه لو كان كذلك لأمكن أن يتعلق التكليف والوضع به، كما يقال: جئني برجل، أو تقدم إلى كذا.
وأما المفهوم الانتزاعي الصرف الذي ليس له وجود خارجي ولا منشأ انتزاع صحيح فمقتضى القاعدة الأولية عدم تعلق البيع به، لأن المفروض أنه لم يتعلق البيع بأحد العبدين الموجودين في الخارج الغير المعلوم عند المشتري أو البائع أو كليهما، بل تعلق بهذا المفهوم الصرف القابل للانطباق على كل واحد على البدل، ولا يمكن قياسه أيضا بالواجب التخييري، فإنه مضافا إلى الإشكال في تصوير تعلق التكليف بأحد الشيئين على البدل من دون إرجاعه إلى الجامع ومن دون جعل الواجب أحدهما ومسقطية الآخر عنه أنه قام الدليل على التخيير كقيام الدليل على صحة بيع أحد العبدين على ما ادعاه الشيخ (1)، وإن كان الحق عدم دلالته على المدعى.