بين ما إذا باع عينا بعنوان أنها عبد فتبين كونها حمارا أو جارية، وما إذا باع عشرة أمنان من الحنطة وتبين كونها ثمانية، ففيما تبين كونها حمارا تخلف عنوان المبيع عرفا وعقلا، وفيما تبين كونها جارية تخلف عنوان المبيع عرفا لا عقلا. وعلى أي تقدير يبطل البيع، لأن مناط مالية الأموال بصورتها النوعية العرفية، لا بالمادة المشتركة بين جميع الأشياء. ولذا لا فرق في مورد تخلف العنوان بين جعله موضوعا كما لو قيل: " بعتك العبد "، أو جعله وصفا أو شرطا كما لو قيل: " بعتك هذا الذي هو عبد " أو: " بعتك هذا إن كان عبدا ".
وأما إذا تخلف مقدار المبيع فلا وجه لبطلان أصل البيع، بل إما يبطل البيع بالنسبة إلى المقدار الناقص، أي: ينحل البيع إلى بيوع متعددة بالنسبة إلى كل من، وإما يصح البيع بالنسبة إلى الجميع ويحسب النقصان، كتخلف الوصف الذي لا يوزع الثمن بإزائه. وعلى كلا التقديرين فلا وجه لاحتمال فساد البيع.
ولا يقال: حكم تخلف المقدار كتخلف عنوان المبيع، لأن كلا منهما مما يتوقف صحة البيع عليه، فكما أنه لا يصح البيع إذا كان العنوان مجهولا فكذا يفسد إذا كان المقدار مجهولا. وكما أنه لو باعه بعنوان خاص فتخلفه موجب للبطلان فكذلك لو باعه على مقدار خاص فلا بد أن يكون تخلفه موجبا للبطلان رأسا.
لأنا نقول: فرق بين مقدار المالية وعنوان المبيع، فإن كلا منهما وإن كان من شرائط صحة البيع إلا أن تخلف العنوان يوجب تغيير ما هو المبيع رأسا، وهذا بخلاف تخلف المقدار، فإن المبيع لم يختلف إلا من حيث انضمام متفقي الحكم والقيمة، فانحلال العقد بالنسبة إلى الثاني هو المتعين دون الأول.
وبالجملة: تخلف المقدار ملحق بتخلف الوصف لا بتخلف العنوان.
وإن شئت قلت: فرق بين شرائط صحة البيع، فما هو راجع إلى عدم الغرر فتخلفه لا يوجب إلا الخيار، وما هو راجع إلى الصورة النوعية للمبيع فتخلفه يوجب البطلان.
وإن شئت قلت: فرق بين الأوصاف المشترطة في البيع صريحا أو ضمنا،