لم يعرف المشتري مقدارهما. وبهذا يصح بيع مقدار من الطعام بما يقابله في الميزان من جنسه، أو من غيره المساوي له في القيمة.
وعلى أي حال يستفاد من هذه الأدلة: أن الجهل بمقدار المبيع يوجب البطلان، سواء كان غرريا أولا، وفي نفس هذه الأخبار لم يعلل مانعية الجهل بالغرر حتى يبحث في أنه حكمة للتشريع فيكون المدار على النوع، أو علة للمجعول فيكون المدار على الغرر الشخصي؟ وعلى فرض التعليل به فلا شبهة أنه حكمة.
وبيان ذلك: أنه قد بينا في قاعدة لا ضرر (1): أنه لو علق الحكم على عنوان كالضرر والحرج ونحوهما يكون ذلك العنوان موضوعا للحكم، ويدور الحكم مداره، وبذلك يكون " لا ضرر " أو " لا حرج " حاكما على أدلة الأحكام، ولا محالة يكون الضرر أو الحرج المنفي شخصيا.
وأما لو علق الحكم على عنوان آخر غير عنوان الضرر والحرج وعلل بهما فلا محالة يكونان علة للتشريع، ولا يطرد ولا ينعكس، فيكون نوعيا. والحرج ورد على كلا الوجهين.
ففي الحديد يكون الحرج حكمة لرفع نجاسته. وفي مثل: " ما جعل عليكم في الدين من حرج " (2) يكون حاكما على أدلة الأحكام.
وأما نفي الضرر فكونه حاكما على أدلة الأحكام لا إشكال فيه كما في قضية سمرة (3).
وأما كونه علة للتشريع فيتوقف على ورود هذا اللفظ منه (صلى الله عليه وآله) في ذيل حكمه بالشفعة (4)، أو حكمه بكراهة منع فضل الماء (5).