ومنعه صاحب الجواهر (قدس سره)، وقال: إن لحاظ زمان الشارع يختص بباب الربا، وأما بالنسبة إلى الغرر فلا مدخلية لزمان الشارع فيه (1).
وأشكل المصنف عليه بما حاصله: أن الموضوع في كلتا المسألتين شئ واحد، وهو المكيل والموزون، وقد حمل عليه حكمان أحدهما: عدم صحة بيعه جزافا، والآخر: عدم صحة أخذ الزيادة في بيع بعضه ببعض (2).
والإنصاف: أن كلمات الأعلام في المقام مضطربة.
ودعوى: أن الموضوع في المسألتين شئ واحد لا دليل عليها. فالإيراد الثاني من المصنف عليه غير وارد، كما أنه لا يرد عليه إيراده الأول (3) بمجرد عبارة المبسوط (4) والتذكرة (5).
وقوله في المبسوط: بلا خلاف (6) لا يدل على الإجماع المعتبر عندنا، فإن الإجماع وعدم الخلاف في اصطلاح القدماء محمول على أمر آخر غير الاتفاق الكاشف عن رأي المعصوم، فإذا لم يثبت الاتفاق على اعتبار الكيل والوزن فيما كان مكيلا أو موزونا في عصر الشارع فلا بد من التشبث بما تقتضيه القاعدة الكلية حتى يكون المدار عليها، إلا ما ثبت خروجه عنها.
فنقول: قوله (عليه السلام): " ما كان من طعام سميت فيه كيلا لا يصلح مجازفة " (7) من القضايا الحقيقية التي أنشئ الحكم فيها على الموضوعات المقدر وجودها، فكل مصداق انطبق عليه هذا العنوان يشمله هذا الحكم، سواء كان هذا المصداق مكيلا في عصر الشارع أو لم يكن. وكل ما لم تسم فيه الكيل - أي لم يجعل له الكيل - يصح بيعه بلا كيل، سواء كان هذا الشئ مكيلا سابقا أو في خصوص عصر النبي (صلى الله عليه وآله)، أو لم يكن.