وأما في المقام فلم يرد منه (صلى الله عليه وآله) إلا النهي عن الغرر إما مطلقا، أو في البيع، من دون تعليله بعلة، فكون الحكم دائرا مدار الغرر الشخصي أو النوعي لا موضوع له، لأن نفس عنوان الغرر إذا كان متعلقا للنهي فلا محالة يدور الحكم مداره.
نعم، لهذا البحث مجال إذا استفيد من أدلة اعتبار الكيل أو الوزن كون عدمه غرريا، فحيث إن اعتبارهما وكذا اعتبار العدد إنما هو لرفع الغرر، فلا محالة يكون الحكم ثابتا ولو لم يكن غرر.
وأما في الذرع فلا دليل عليه إلا نفي الغرر ونهيه (صلى الله عليه وآله) عنه، فلا بد أن يكون المدار على تحقق الغرر.
ولكنك خبير بأن التفصيل في الأبواب الأربعة لا يمكن الالتزام به للقطع باتحاد أحكامها، فلا بد أن يقال: إذا كان إحراز مقدار مالية المال بالكيل أو الوزن فالجهل به يوجب فساد المعاملة، ولكن ذلك إنما هو بالنظر إلى الأمرين المتقدمين، وهما عدم طريق آخر لإحرازه، وكون البيع بدون العلم بالمقدار جزافيا. وأما لو لم يكن كذلك كبيع مقدار من الطعام بما يقابله من جنسه فلا خصوصية لها أيضا.
* * * ومما ذكرنا ظهر ما في:
قوله (قدس سره): (مسألة: لو قلنا بأن المناط في اعتبار تقدير المبيع في المكيل والموزون والمعدود بما يتعارف التقدير به هو حصول الغرر الشخصي فلا إشكال في جواز تقدير كل منها بغير ما يتعارف تقديره به إذا انتفى الغرر بذلك.... إلى آخره).
وذلك لما عرفت من أنه لم يعلل اعتبار هذه التقديرات بالغرر.
نعم، يمكن أن يدعى أن حكمته سد باب الغرر المؤدي إلى التنازع، وعلى هذا فلا يدور الحكم مدار الغرر، بل لا بد من التقدير بأحد هذه الأمور.