نعم، ظاهر صحيحة علي بن رئاب (1) وموثقة زرعة (2) عن سماعة كفاية الوثاقة، ولكنهما قابلتان للتقييد بالعدالة، فمع وجود العدل لا شبهة أن المتيقن نفوذ خصوص ما يقوم به. نعم، مع تعذره يقوم الفساق من المؤمنين بعد عدم احتمال تعطيله، لكونه ضروريا، ومما يستقل العقل بلزوم وجوده.
ثم إنه لا إشكال في أن ثبوت الولاية للعدل أو الثقة ليس كثبوتها للفقيه، فإن الفقيه لو وضع يده على مال اليتيم أو الغائب يخرج المولى عليه عمن لا ولي له، وليس لفقيه آخر مزاحمته، وهذا بخلاف ولاية العدل أو الثقة فإن ولايته عبارة عن أن له أن يفعل في مال المولى عليه ما يراه صلاحا، فما لم يفعل ولم يتصرف في المال يجوز تصرف العدل الآخر.
وبعبارة أخرى: حكم ولاية العدل حكم ولاية الأب والجد، فما دام الموضوع باقيا له التصدي. وأما ولاية الفقيه فلا تقبل المزاحمة وإن لم يتصرف بعد، لأنه ولي من لا ولي له، فإذا تحقق الولي فلا ولاية لآخر، كما هو مفاد المشهورة " السلطان ولي من لا ولي له ".
ثم لا يخفى أنه يستفاد من مجموع الأدلة: أن ولاية الفقيه والعدل ومطلق المؤمن ليس كولاية الأب والجد حتى يكون لهم التصرف مطلقا، بل الظاهر منها إناطة جواز التصرف بما كان صلاحا لليتيم أو الغائب ونحوهما، لأن مفهوم قوله (عليه السلام) في حسنة الكاهلي: " إن كان في دخولكم عليهم منفعة فلا بأس " (3) أنه لو لم يكن الدخول صلاحا لهم - سواء كان ضرريا أو لا - ففيه البأس، وذكر أحد فردي المفهوم لخصوصية موجبة لذكره في الشرطية الثانية لا يوجب أن تكون