الأحكام الكلية فتارة يعلم من مناسبة الحكم والموضوع أن ولايته إنما هو لنظره واجتهاده، غاية الأمر اعتبر فيه العدالة أيضا موضوعيا.
وأخرى يعلم بأن ولايته لعدالته أو لرئاسته وحكومته، أي: يعلم بأن الاجتهاد لم يكن دخيلا أصلا، أو لم يكن ركنا في الموضوع.
ففي الأول: إذا فقد الفقيه ليس لغيره التصدي له، فلا يجوز للعامي الإفتاء ولا القضاء.
وفي الثاني: يقوم عدول المؤمنين به من باب كونه المتيقن، أو مطلق من يوثق به، ولو تعذر فيقوم به سائر المؤمنين.
وبالجملة: الأمور التي يعلم من الشرع مطلوبيتها في جميع الأزمان ولم يؤخذ في دليلها صدورها من شخص خاص فمع وجود الفقيه هو المتعين للقيام بها: إما لثبوت ولايته عليها بالأدلة العامة، أو لكونه هو المتيقن من بين المسلمين، أو لئلا يلزم الهرج والمرج، فيعتبر قيام الفقيه به مباشرة أو إذنه أو استنابته، ومع تعذره فيقوم به سائر المسلمين. ولما كان العدل أولى بالحفظ والإصلاح فمع وجوده هو المتعين، كما يدل عليه الأدلة التي نشير إليها، أو هو المتيقن، ومع فقده فمطلق الثقة، ومع عدمه فكل من كان صالحا. فكون هذه الأمور مطلوبة لا ينافي اعتبار قيام شخص خاص بها على الترتيب، كما لا ينافي مطلوبيتها لزوم تعطيلها إذا قلنا باعتبار قيام خصوص الفقيه بها عند فقده.
نعم، لو كانت مطلوبة على كل تقدير ولو مع فقد الفقيه فلا بد من القيام بها على الترتيب المذكور.
وقد يستدل لولاية عدول المؤمنين على الصغار الذين لا ولي لهم بما رواه في الكافي: عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: مات رجل من أصحابنا ولم يوص، فرفع أمره إلى قاضي الكوفة، فصير عبد الحميد القيم بماله، وكان الرجل خلف ورثة صغارا ومتاعا وجواري، فباع عبد الحميد المتاع، فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه في بيعهن، إذ لم يكن الميت صير إليه وصيته، وكان قيامه بهذا بأمر القاضي، لأنهن فروج، فذكرت ذلك لأبي جعفر (عليه السلام)، فقلت له: يموت الرجل من