الضمان: هو وحدة ما يؤدى عن المضمون ذاتا وحقيقة من دون تقييد إطلاق.
وإمكان هذا النحو من الضمان لا إشكال فيه ثبوتا، إنما الكلام في نهوض الدليل عليه إثباتا.
فإنه قد يقال: إن عموم " على اليد " بالنسبة إلى جميع الأيدي بنسق واحد فكيف لا يضمن الثاني للمالك على طبق ما ضمنه الأول؟
ولكنك خبير بأن دليل " على اليد " وإن كان عاما - وكما يشمل كل يد عادية بالنسبة إلى كل مال فكذلك يشمل جميع الأيدي المتعاقبة بالنسبة إلى مال واحد - إلا أنه قد يكون بين أفراد العام فرق من غير ناحية شمول العام لهذه الأفراد المختلفة، ومن غير احتياج إلى مؤنة زائدة لشموله لها، كما إذا نشأ الاختلاف من ناحية الأفراد فقد يكون مال زيد في عهدة عمرو، ومال بكر في عهدة خالد وهكذا... وقد يكون مال زيد في عهدة عمرو وأخذه بكر من عمرو وأخذه خالد من بكر وهكذا...
فإذا كان من قبيل الأول فمعنى الضمان عند العقلاء والعرف: هو كون المال مجردا عن خصوصيته الشخصية في عهدة الضامن. وبهذا المعنى يصح ضمان الأعيان، فإن الالتزام بأن ضمان الأعيان الخارجية عبارة عن كونها عند التلف على ذمة الضامن بلا موجب، لأن الأعيان وإن لم تكن قابلة - كالديون - قابلة لأن تكون بنفسها في الذمة، كما لا يمكن أن تكون في الحس المشترك، ولا في المتخيلية، ولا في القوة العقلائية إلا أنها حال تجردها عن خصوصيتها الشخصية قابلة لأن تكون في الذمة، أي: العين بماليتها الغير المتقدرة بالقيمة في عهدة الضامن، وهذا اعتبار عقلائي ومال كلي عرفي لا بأس بالتزامه، ولا موجب لأن يقدر الضمان عند التلف.
وأما ما كان من قبيل الثاني فاعتبار ضمانه عرفا أن يكون بدل المضمون واحدا ذاتا وفردا حقيقة، لأن الأول ضامن لما يكون مخرجه في ذمة الثاني، والثاني ضامن لما يضمنه الأول، فالثاني وإن كان ضامنا للمالك أيضا بإطلاق