في السوق، فإن ادعت البراءة من الغضب فليجرب بإيقاعها في معرض إهانة السفهاء، وهكذا فليمتحن في غيرهما من الصفات بالامتحانات التي كان الأولون والسلف الصالحون يجربون بها أنفسهم، حتى يطمئن بانقطاع أصولها وفروعها من قلبه. ولو وجد بالامتحان أو تصريح المشاهدة والعيان شيئا منها في قلبه، فليتفكر في كيفية الخلاص من المعالجة بالضد أو بالموعظة والنصيحة والتوبيخ والملامة، أو ملازمة أولي الأخلاق الفاضلة ومجالسة أصحاب الورع والتقوى، أو بالرياضة والمجاهدة وغير ذلك. فإن نفع شئ منها في الإزالة بالسهولة فليحمد الله على ذلك، وإلا فليواظب على هذه المعالجات وتكررها حتى يوفقه الله للخلاص بمقتضى وعده.
ثم يتفكر في كل واحد من الفضائل المنجية: كاليقين، والتوكل، والصبر على البلاء، والرضا بالقضاء، والشكر على النعماء، واعتدال الخوف والرجاء، والشجاعة والسخاء والزهد والورع، والاخلاص في العمل، وستر العيوب، والندم على الذنوب، وحسن الخلق مع الخلق، وحب الله والخشوع له... وغير ذلك، فإن وجد قلبه متصفا بالجميع فليجزيه بالعاملات حتى يطمئن من تلبيس النفس - كما علمت طريقه - وإن وجد قلبه خاليا من شئ منها فليفكر في طريق تحصيله - كما أشير إليه -. ثم يتوجه إلى كل واحد من أعضائه ويتفكر في المعاصي المتعلقة به، مثل أن ينظر في لسانه، ويتفكر في أنه هل صدر منه شئ من الغيبة، أو الكذب، أو الفحش، أو فضول الكلام، أو النميمة، أو الثناء على النفس، أو غير ذلك. ثم ينظر في بطنه هل عصى الله بأكل حرام أو شبهة، أو كثرة مانعة عن صفاء النفس وغير ذلك... وهكذا يفعل في كل عضو عضو.
ثم يتفكر في الطاعات المتعلقة بكل واحد منها وفيما خلق هذا العضو لأجله من الفرائض والنوافل، فإن وجد - بعد التفكر - عدم صدور شئ من المعاصي عن شئ منها، وإتيانها بالطاعات المفروضة عليها بأسرها وبالنوافل المرغبة إليها بقدر اليسر والاستطاعة، فليحمد الله على ذلك، وإن عثر على صدور شئ من المعاصي أو ترك شئ من الفرائض، فليتفكر أولا في الأسباب الباعثة على ذلك، من الاشتغال بفضول الدنيا أو مصاحبة أقران