على عبده "، والمراد من الغضب فيه: الغضب الذي سلب الاختيار.
وبالجملة: القطع حاصل بعدم المؤاخذة والمعصية على ما لا يدخل تحت الاختيار من الخواطر والميل وهيجان الرغبة، إذ النهي عنها مع عدم كونها اختيارية تكليف بما لا تطاق، وإن لم ينفك عن إحداث خباثة في النفس.
وأما (60) على أنه يكتب سيئة على الاعتقاد والهم بالفعل والتصميم عليه مع تركه لمانع لا لخوف من الله، فهو إن كلا من الاعتقاد والهم بالمعصية فعل من الأفعال الاختيارية للقلب، وقد ثبت في الشريعة ترتب الثواب والعقاب على فعل القلب إذا كان اختياريا، قال الله سبحانه:
" إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " (61).
وقال سبحانه:
" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " (62).
وقال رسول الله (ص): " إنما يحشر الناس على نياتهم ". وقال (ص):
" إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار "، قيل: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: " لأنه أراد قتل صاحبه ". وقال (ص): " لكل امرئ ما نوى ". والآثار الواردة في ترتب العقاب على الهم بالمعصية كثيرة، وإطلاقها محمول على غير صورة الترك خوفا من الله لما يأتي من أنه في هذه الصورة تكتب بها حسنة، وكيف لا يؤاخذ على أعمال القلوب مع أن المؤاخذة على الملكات الردية من الكبر والعجب والرياء والنفاق والحسد وغيرها قطعي الثبوت من الشرع، معت كونها أفعالا قلبية، وقد ثبت في الشريعة أن من وطأ امرأة ظانا أنها أجنبية كان عاصيا وإن كانت زوجته.
وأما على أنه يكتب حسنة على الترك بعد الهم خوفا من الله، فما روي عن النبي (ص) أنه قال: " قالت الملائكة: رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر، فقال: راقبوه فإن عملها فاكتبوها عليه بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها لأجلي ". وما روي عن الإمام محمد